للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أن رجلاً أكرهه أهل الشرك من العدو على أن يكفر بالله وله امرأة حرة مسلمة ففعل ثم خُلِّيَ سبيلُه وأتاها فقالت له (١): إنك قد كفرت بالله وقد بِنْتُ (٢) منك، فقال الرجل: إنما أظهرت إظهاراً وقلبي مطمئن بالإيمان، فالقول قوله مع يمينه على ما ادعى، وتكون (٣) امرأته على حالها لا يفرق بينهما، وقال أبو حنيفة ومحمد: هذا استحسان، وينبغي في القياس أن يفرق بينهما؛ لأنا لا نعلم من سره ما يعلم، ولكنا نستحسن فلا نفرق بينهما.

[باب ما يكره فيه الرجل على أن يفعله بنفسه أو بماله]

ولو أن رجلاً أكرهه لص غالب على قطع يد نفسه أو على أن يطرح نفسه من فوق بيت أو على أن يطرح نفسه في ماء أو على أن يطرح نفسه في نار فقال له: لأقتلنك أو لتفعلن ذلك، كان إن شاء الله في سعة من ذلك، لأنه مكره. فإن فعل الرجل ذلك بنفسه ثم خوصم الذي أكرهه على ذلك إلى القاضي فإن القاضي يأخذه بذلك كله، فيقطع له يد (٤) الذي أكرهه بيده، ويقتله به إن كان ألقى نفسه في النار فاحترق. وهذا قياس قول أبي حنيفة ومحمد (٥). وقال محمد: وأما السقوط من فوق البيت والسقوط في الماء فإن كان أمره من ذلك بشيء يعلم أنه لا يعيش من مثله قتل به أيضاً، فإن كان أمره من ذلك بشيء قد يعاش من مثله ويمات ففعل فمات فالدية على عاقلة الذي أمره؛ لأن المقتول وإن كان فعل ذلك بنفسه فهو مكره عليه.

وقد قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في رجل أكرهه أميره حتى


(١) م ز - له.
(٢) ز: ثبت.
(٣) ز: ويكون.
(٤) م ز: يدا.
(٥) يظهر أن المقصود أنه قياس قول أبي حنيفة. وهو قول محمد. ويدل على ذلك قوله بعد ذلك: وقال محمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>