للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيباني لأبي حنيفة في جواز الوقف مبني على الحديث أيضاً (١). وهناك أمثلة أخرى في كتب الشيباني ترك فيها رأي أبي حنيفة استناداً إلى الأحاديث الواردة في تلك المواضيع (٢). ونحن نرى أن ترك الشيباني لرأي أبي حنيفة في جميع هذه المسائل ليس لمخالفته له في الأصول، وإنما ذلك لاقتناع الشيباني بصحة الحديث وشهرته لاطلاعه على شيوع رواية ذلك الحديث أو العمل به على وجه لم يطلع أبو حنيفة عليه.

[هـ - الطرق المتبعة في نقد الحديث والترجيح بين الأحاديث المختلفة]

يوجد في الأصل نقد لمتن حديث يرويه هشام بن عروة (٣). ومضمون هذا النقد أن النبي - عليه الصلاة والسلام - لا يأمر بباطل ولا بما يؤدي إلى خداع أحد الطرفين، ولذلك فيحكم بوهم هشام وخطئه في رواية هذا الحديث (٤).

يرجح الشيباني بين الرواة بما فيهم الصحابة، فبعد أن يروي حديثين مختلفين يذكر أن عمر أعلم بحديث رسول الله من عائشة (٥). ويرجح روايات الصحابة الذين هم أكبر سناً وأكثر خبرة وأقرب إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - على روايات الصحابة الآخرين (٦). فمثلاً يفيد الشيباني أن علياً أعلم بالحديث من أبي هريرة (٧). وانتقد الشيباني روايات بعض الصحابيات في المسائل التي يكون الرجال أعلم بها في العادة كما اعتمد في ذلك على روايات آخرين


(١) الأصل للشيباني، ٨/ ٢٥١ ظ.
(٢) الحجة للشيباني، ١/ ٧ - ٨، ٥٢، ١٢٨، ٢٧٢، ٣٣٤، ٥٠٢ - ٥٠٧؛ موطأ محمد، ٢/ ١٣٤، ٣/ ٣١٤.
(٣) هو هشام بن عروة بن الزبير المدني، من رواة الحديث المشهورين. توفي سنة ١٤٦. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، ١١/ ٤٨ - ٥٢.
(٤) الأصل للشيباني، ٤/ ١٥٣ و - ١٥٣ ظ.
(٥) الأصل للشيباني، ٤/ ١٥٣ ظ.
(٦) الحجة للشيباني، ١/ ٩٥، ٢/ ٧١٦، ٧١٧.
(٧) الحجة للشيباني، ٢/ ٧١٦، ٧١٧، ٧٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>