المستودع لم يقبض لنفسه شيئاً، وجميع ما ذكرنا قد قبض لنفسه، ولا يصدق. ولو قال: قبضتها بوكالة من فلان كانت له عليك، أو وهبتها له فأمرني بقبضها فدفعتها إليه، كان ضامناً؛ لأن أخذها لنفسه ولغيره سواء إذا جحد ذلك الذي قبضت منه. ولو أقر أنه قبض منه ثوباً عارية أعاره إياه القابض، فقال الآخر: بل غصبتنيه، فإن أبا حنيفة قال في هذا: أستحسن أن أصدق القابض. وكذلك الدابة والدار. وقال أبو يوسف ومحمد: أضمنه، ولا أصدقه بعد أن يحلف الآخر بعد ما أعاره.
…
[باب إقرار الواحد لاثنين على نفسه وعلى آخر]
وإذا أقر الرجل أن لفلان عليه وعلى، فلان ألف درهم، وجحد ذلك فلان، فادعى الطالب المال على المقر وحده، فإنما يلزم المقر من ذلك النصف، ولا يصدق على صاحبه بعد أن يحلف (١) صاحبه. ولو أقر أنه غصب هو وفلان شيئاً قيمته كذا وكذا وجحد ذلك فلان لم يلزمه إلا النصف من ذلك الحق. وكذلك الجراحة الخطأ والعمد. وكذلك القتل الخطأ. وكذلك الغصب كله. وكذلك الإقرار بالوديعة والعارية والمضاربة والديون كلها فإنما يلزمه من ذلك النصف، ولا يلزم الآخر من ذلك من شيء بعد أن يحلف.
ولو أقر أنه قطع هو وفلان يد فلان عمداً، وجحد ذلك فلان، وادعى الطالب أنهما قطعاها جميعاً، لزم المقر من ذلك نصف الأرش، ولا يلزم الآخر من ذلك شئ بعد أن يحلف. ولو ادعى الطالب ذلك كله على المقر لم يلزمه شيء؛ لأن الطالب ادعى عليه قصاصاً، وإنما هو أقر له بمال، في القياس، ولكنا ندع القياس ونجعل عليه أرش اليد. ألا ترى أن رجلين لو قطعا يد رجل عمداً لم يكن عليهما قصاص، ولو قطعها واحد فعليه