للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحو ذلك فريضة من فرائض الله تعالى لا يجد المكره بداً من أن يفعل ذلك، فالذي أكرهه ضامن لقيمة عبده، وكذلك كل فريضة من فرائض الله تعالى. وإن قال له: قل: إن تقاضيت ديني الذي على فلان، أو أكلت طعام كذا وكذا، لطعام خاص يجد منه بداً، أو دخلت دار فلان فأنت حر، وأكرهه على ذلك بتوعد بقتل، فقال المولى ذلك، ثم فعل الذي حلف عليه، عتق العبد، ولم يغرم الذي أكرهه من قيمته شيئاً. ألا ترى أنه لو أكرهه بقيد أو بسجن حتى يعتق عبده، فأعتقه، لم يغرم شيئاً؛ لأنه ليس بضرورة، فكذلك هذا.

ولو أن رجلاً قَتل عبدُه قتيلاً خطأً فاختصموا في ذلك إلى القاضي، فأكره القاضي المولى على عتق عبده بتوعد بقتل (١) أو نحوه حتى أعتقه، وقد علم المولى بالجناية، فلا ضمان على المولى في الجناية، وإنما الضمان على الذي أكرهه، فيغرم الذي أكرهه القيمة، فيأخذها المولى فيدفعها إلى ولي الجناية، ولا يكون للمولى شيء. ولو كان أكرهه بقيد أو سجن ولم يخش منه قتلًا أو تلفاً (٢) فأعتق عبده لم يكن على القاضي ضمان، وعلى المولى قيمة العبد لصاحب الجناية، ولا يضمن المولى من أرش الجناية الباقي شيئاً وإن كان قد علم بالجناية؛ لأنه لم يستهلك ذلك، وإنما يغرم ما وجب له، وذلك قيمة العبد. فأما الفضل فلا يغرمه؛ لأنه كأنه أمره أن يغرم عشرة آلاف مكان عبده، فهذا يكون السجن فيه والقيد (٣) كَرْهاً (٤) يبطل ما أمره به من ذلك. ولو (٥) لم يكرهه (٦) على عتقه ولكنه أكرهه حتى قتله عمداً وهو يعلم بجنايته، فإن كان توعده بالقتل أو بالتلف حتى قتله كان للمولى أن يقتل به الذي أكرهه، ويبطل حق أصحاب الجناية. وإن كان أكرهه بالسجن أو بالتقييد كان على المولى قيمة العبد لأولياء الخطأ، ولا شيء على الذي أكرهه.


(١) ز - بقتل.
(٢) ز: قتل أو تلف.
(٣) م ف ز: والعبد.
(٤) ز: كره.
(٥) ف ز - ولو.
(٦) ف ز: ولم يكرهه.

<<  <  ج: ص:  >  >>