للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغير (١). فلعله كان يحذف الألفاظ المعبرة عن السؤال والجواب مثل قلت وقال، ويحول العبارة إلى مسألة بدون سؤال وجواب. وذلك سهل لمن تأمل عبارات الكتاب. حتى أنه من الممكن رؤية بعض المواضع قد حذف فيها هذه الألفاظ، لكن لم يتم ترتيب الجملة من جديد حتى تكون جملة واحدة مفيدة، فاضطررنا في هذه المواضع إلى إضافة لفظ "قلت" أو "قال"، لتصحيح العبارة (٢). وذلك مما يدل على أن التحرير كان مستمراً في الكتاب. ومن المحتمل أن يقول قائل: إن الرواة عن محمد بن الحسن مثل الجوزجاني وأبي حفص أو الرواة عنهم يمكن أن يكونوا هم الذين قاموا بهذا التحرير. وهذا الاحتمال وإن كان وارداً في نظرنا إلا أن حقيقة كون الإمام محمد قد غير كتبه وأعاد تأليفها مرة أخرى تؤكد ترجيح الاحتمال الأول. ومن المحتمل أن يكون الإمام محمد قد استعمل أساليب متنوعة في تأليف كتبه من البداية، خصوصاً إذا ما علمنا أن كتبه كانت مفردة في الأصل، فكل كتاب من الكتب الفقهية كان يعتبر كتاباً بنفسه. ثم إن كتب محمد بن الحسن قد كانت معروفة مشهورة في ذلك الوقت، فلو وقع التغيير فيها من قبل بعض تلاميذه أو غيرهم لتنبه إلى ذلك العلماء الآخرون وعُرف ذلك. فلما لم تكن هناك إشارة في المراجع إلى مثل هذا التغيير تأكد أن تنوع الأسلوب هذا هو من عمل المؤلف نفسه. وهناك نقطة أخرى، وهي أنه لو كان التغيير في الكتاب وقع بعد محمد بن الحسن من قبل تلاميذه ورواة كتبه لكان هذا التغيير شاملاً لجميع الكتاب، لكن الأمر ليس كذلك. فإن الحاصل أن بعض الكتاب مكتوب على طريقة السؤال والجواب وبعضه ليس كذلك. وهذا يدل على أن محمد بن الحسن هو الذي نوّع أسلوبه من البداية، أو بدأ بتنقيح كتبه فغير بعضها ولم يمهله الأجل حتى يغير الباقي منها، خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار ضخامة حجم الكتاب. ومن المعلوم أن الإمام محمداً توفي في سفره إلى الري مع هارون الرشيد عام ١٨٩، وعمره ٥٧ عاماً، وهي سن مبكرة نسبياً.


(١) المبسوط،. ٣٠/ ٢٨٧.
(٢) انظر مثلاً: ٨/ ٥٢ و، ٥٣ و، ٥٣ ظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>