للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا تكارى الرجل دابة (١) من بلد إلى الكوفة ليركبها فإن أبا حنيفة قال: يبلغ بها منزله في أي موضع ما كان من الكوفة. وكذلك لو حمل عليها متاعاً. وقال أبو حنيفة: لو وضع المتاع في ناحية من الكوفة وقال: هذا منزلي، فإذا هو قد أخطأ، فأراد أن يحمله ثانية إلى منزله، فليس له أن يحمله إلى منزله ثانية. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد.

رجل تكارى حماراً من الكوفة ليركبه إلى الحِيرة ذاهباً وجائياً فإن له أن يبلغ عليه إلى أهله بالكوفة إذا رجع. أرأيت لو تكارى إبلاً إلى مكة ذاهباً وجائياً أما كان له أن يبلغ إلى أهله، بل له أن يبلغ إلى أهله. وكذلك الدواب.

وإذا تكارى الرجل دابة بالكوفة من موضع كانت فيه الدابة إلى الكُنَاسة (٢) ذاهباً وجائياً فأراد أن يبلغ في رجعته إلى أهله فليس له ذلك، وإنما له أن يرجع إلى ذلك الموضع الذي تكارى (٣) منه الدابة. أرأيت لو تكارى دابة من الكنَاسة إلى جَبَّانة بِشْر (٤) ليركبها ذاهباً وجائياً ومنزله عند دار عيسى بن موسى (٥) أو عند دَيْر هِنْد (٦) ثم ذهب عليها إلى جَبَّانة بِشْر ثم رجع بها ثم أراد أن يبلغ إلى أهله أكان له ذلك، ليس له ذلك. وليس هذا كالدابة يتكاراها الرجل إلى مدينة من المدائن أو إلى قرية من القرى أو إلى


(١) م: دابته.
(٢) المقصود هنا كُنَاسة كُوفان، وهي موضع قريب من الكوفة قُتل بها زيد بن علي - رضي الله عنه -، وهي المرادة في الإجارات والكفالة، والصواب ترك حرف التعريف. انظر: المغرب، "كنس".
(٣) م ص ف: يكتري.
(٤) تقدم قريباً أنه كان بالكوفة عدة مواضع تعرف بالجبانة.
(٥) هو عيسى بن موسى العباسي الهاشمي، كان ولي العهد بعد أبي جعفر المنصور، لكن عزله المنصور وولى مكانه المهدي، وكان أمير الكوفة ومن قواد العباسيين، توفي سنة ١٦٨ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، ٧/ ٤٣٤، ٤٥٤.
(٦) هناك ديران: دير هند الصغرى ودير هند الكبرى، وكلاهما بالحيرة قرب الكوفة. انظر: معجم البلدان، "دير هند".

<<  <  ج: ص:  >  >>