للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل دابة فاختلفا قبل أن يركبها فقال رب الدابة: أكريتك إلى الصَّرَاة (١) بعشرة دراهم، وقال المستأجر: بل أكريتني إلى بغداد بخمسة، فإنهما يتحالفان ويترادان الإجارة، وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه. فإن حلفا جميعاً ثم قامت لأحدهما بينة أخذت ببينته وأبطلت دعوى الآخر. ولو قامت لهما جميعاً البينة أخذت ببينة رب الدابة على الأجر وببينة المستأجر على الفضل؛ لأن كل واحد منهما يدعي ما شهدت به شهوده. وهذا كله قول أبي حنيفة الآخر. وقد (٢) كان يقول قبل هذا: هو إلى بغداد باثني عشر ونصف، فإن قامت البينة للآخر بعشرة إلى الصَّرَاة (٣) وهو المنتصف، وشهد شهود الآخر بخمسة إلى بغداد، فعليه درهمان ونصف مع العشرة. ثم رجع عن هذا، وقال: هو بعشرة إلى بغداد. ومثل (٤) ذلك مثل رجل أقام بينة على رجل أنه تكارى منه محملاً (٥) وزاملةً (٦) وعُقْبَةَ الأجير (٧) إلى مكة بمائة درهم،


(١) م ص ف: إلى الفراة؛ ب: إلى الفرات. والتصحيح من الكافي، ١/ ٢١٠ و. ويدل على ذلك ما يأتي قريبا، حيث يذكر المؤلف في هذه المسألة أن الصراة هي المنتصف أي منتصف الطريق بين الكوفة وبغداد، ويذكر نفس الشيء في مسألة آتية قريبا. انظر: ٢/ ١٦٠ ظ. والصَّرَاة نهر يسقي من الفرات. انظر: المغرب، "صري". أما الفرات فهو يمر بالكوفة، فلا يعقل أن يكون الأجر إلى الفرات أكثر من الأجر إلى بغداد.
(٢) ف - قد.
(٣) م ص: إلى الفراة؛ ف: إلى الفرات. والتصحيح مستفاد من المصدر السابق.
(٤) ص ف: مثل.
(٥) قال المطرزي: المحمل بفتح الميم الأولى وكسر الثاني أو على العكس الهودج الكبير … وأما تسمية بعير المحمل به فمجاز وإن لم نسمعه، ومنه قوله … ما يكترى به شق محمل أي نصفه أو رأس زاملة … انظر: المغرب، "حمل".
(٦) قال المطرزي: زَمَلَ الشيءَ حمله، ومنه الزاملة: البعير يحمل عليه المسافر متاعه وطعامه … ثم سمي بها العدل الذي فيه زاد الحاج من كعك وتمر ونحوه، وهو متعارف بينهم، أخبرني بذلك جماعة من أهل بغداد وغيرهم. انظر: المغرب، "زمل".
(٧) العُقْبَة: النوبة. ومنها عاقبه معاقبة وعقاباً: ناوبه. وعُقْبَة الأجير: أن ينزل المستأجر صباحاً مثلاً فيركب الأجير. انظر: المغرب، "عقب".

<<  <  ج: ص:  >  >>