للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التيسير (١)، رأي الأغلبية (٢). ويرجح الشيباني في مسألة خالف فيها أبا حنيفة الحدثحما القولي على الحديث الفعلي لموافقته عمل الصحابة (٣). ويحتج الشيباني في الحجة بروايات أهل بلده في مقابل روايات أهل المدينة، ويظهر من ذلك أن أهل كل بلد يثقون برواتهم وعلمائهم أكثر من غيرهم، وهذا أمر طبيعي إلى حد ما. فمثلاً، القنوت في صلاة الصبح وزكاة مال الصبي وغير ذلك من المسائل ترى فيها شاهد ما ذكرناه (٤). وفي هذا السياق ينتقد الشيباني عدم أخذ أهل المدينة بروايات البلدان الأخرى (٥). حتى أنه يبين أن أهل المدينة لا يعملون في بعض المسائل بأحاديث رووها هم أنفسهم (٦). فمثلاً ينقل عن أهل المدينة قولهم في مسألة روى فيها أهل العراق حديثاً: "لا نعرف الحديث الذي تروونه"، أي أن هذا الحديث شاذ غير معروف؛ ويجيب الشيباني على ذلك بقوله: "الأحاديث في ذلك أغزر وأشهر من أن ترد، وقد رواها بعض أهل العراق " (٧). ويجيب الشيباني عن بعض الأحاديث التي تتضمن أحكامًا تخرج عن الأمر المعروف والمشهور عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن ذلك خاص بالنبي وأنه لا يمكن اتباعه في ذلك، ويستدل على ذلك بأحاديث أخرى أو بالاجتهاد وإعمال الرأي (٨).

ينقل الشافعي عن الشيباني أنه لا يأخذ بالحديث المرسل / المنقطع (٩). ويذكر الأستاذ محمد الدسوقي أن الشيباني يروي الأحاديث المرسلة/المنقطعة ويحتج بها في الأصل وغيره من كتبه، وبناءً على ذلك فيمكن أن تكون هذه


(١) موطأ محمد، ١/ ٢٩٣.
(٢) موطأ محمد، ١/ ٦٤٣.
(٣) الحجة للشيباني، ١/ ١٢٨.
(٤) الحجة للشيباني، ١، ٩٧ - ١٠٦، ١٠٦ - ١٠٨، ١٩٩، ٣٥٧ - ٣٦٢، ٤/ ١٩٥ - ١٩٦، ٢٠٦، ٢١٨ - ٢١٩؛ موطأ محمد ١/ ٦١٧ - ٦١٧، ٢/ ١٣ - ١٤، ٨/ ٣، ١٢.
(٥) الحجة للشيباني، ١/ ٢٦٥.
(٦) الحجة للشيباني، ٤/ ٢٣١ - ٢٣٣، ٢٤٢ - ٢٤٣.
(٧) الحجة للشيباني، ٢/ ٧٣٣.
(٨) الآثار للشيباني، ص ٣٥؛ موطأ محمد، ٢/ ١٢٤ - ١٢٥.
(٩) الأم للشافعي (تحقيق: رفعت فوزي عبد المطلب)، ٩/ ١٣٥، ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>