للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما، ولم يقل: نصفين ولا أثلاثاً ولا أرباعاً، فعمل المضارب على ذلك فربح أو وضع، فهذه مضاربة جائزة، والربح بينهما نصفان (١).

وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أنهما شريكان في الربح ولم يسم ثلثاً ولا نصفاَ فعمل المضارب - ربح (٢) أو وضع - فالمضاربة جائزة، وللمضارب نصف الربح.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن المضارب

شريك في الربح ولم يسم نصفاً ولا ثلثاً فعمل المضارب فربح أو وضع فإن هذا في قياس قول أبي يوسف مضاربة جائزة، وللمضارب نصف الربح، ولرب المال النصف. وأما أنا فأرى هذه مضاربة فاسدة، وأرى الربح كله لرب المال والوضيعة عليه وللمضارب أجر مثله فيما عمل ربح أو وضع.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل في مرضه ألف درهم مضاربة على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان (٣)، فعمل المضارب وربح ألفاً، ورب المال مريض على حاله، ثم مات رب المال في مرضه ذلك، وأجر مثل المضارب أقل مما اشترط له من الربح فيما عمل، وعلى رب المال دين يحيط بماله كله، فإن للمضارب نصف الربح، يبدأ به قبل دين أصحاب الدين، وما بقي من رأس المال وحصة رب المال من الربح فهو لأصحاب الدين بالحصص، وليس هذا بوصية، لأن الربح لم يكن لرب المال، إنما وقع الربح يوم وقع وبعده للمضارب، ولم يملك رب المال قط. ألا ترى أن رجلاً لو أقرض في مرضه رجلاً مالاً فربح فيه المستقرض فهو للمستقرض، ولا حق للمقرض ولا لغرمائه فيه. وكذلك المضاربة والربح. ولا يشبه الربح في هذا الإجارة، لأن الإجارة دين يلزم رب المال، فإذا كان ديناً (٤) يلزم رب المال كان الأجير كالغرماء (٥) في مال


(١) ص: نصفين.
(٢) ص: وربح.
(٣) ص: نصفين.
(٤) ص: دين.
(٥) م ص ف: والغرماء. والتصحيح من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>