اقتسمه رب المال والمضارب نصفين، وهذا قول أبي حنيفة. وأبو يوسف ومحمد يقولان: لا تجوز قسمة الربح في المضاربة حتى يستوفي رب المال رأس ماله، فإن استوفى رب المال رأس ماله، أو استوفى له وكيل له وكله بقبضه، ثم اقتسموا الربح بعد ذلك جازت القسمة. فإن كان رب المال استوفى رأس ماله من المضارب ألف درهم، ثم اقتسما الربح بعد ذلك بينهما نصفين، فأخذ رب المال خمسمائة، وأخذ المضارب خمسمائة، ثم إن رب المال دفع إلى المضارب الألف درهم رأس ماله، فقال: خذ هذه الألف، فاعمل بها على المضاربة التي كانت، فهذا جائز، وهي مضاربة مع المضارب على النصف، وهذه مضاربة مستقبلة، فإن وضع فيها أو تَوِيَتْ بعدما عمل فيها أو قبل أن يعمل فيها فهو سواء كله، لا ينتقض شيء من قسمة الربح الذي اقتسماه.
وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فربح المضارب فيها ألفاً، فاقتسما الربح، فأخذ المضارب من الربح خمسمائة درهم لنفسه، وأخذ رب المال خمسمائة لنفسه، وبقيت في يدي المضارب ألف درهم رأس مال رب المال، فضاعت الألفان كلها من يدي المضارب ورب المال قبل أن يعملا بشيء من ذلك، أو يحدثا في شيء من ذلك شيئاً، فإن الخمسمائة التي أخذ رب المال تحسب (١) له من رأس ماله، ويضمن المضارب الخمسمائة التي كان أخذها لنفسه من الربح، فيكون من رأس مال رب المال، فيؤديها إليه، ولا ضمان على المضارب في الألف التي كانت بقيت في يديه، لأنه كان فيها أميناً. وإنما ضمن المضارب الخمسمائة التي كان أخذها من الربح لنفسه، لأنه أخذ من المال على أنها له، فصار له ضامناً، وخرجت من المضاربة، فإذا ضاعت ضمنها، ووجبت عليه من رأس المال. ولو كان الربح ألفين، فأخذ كل واحد منهما حصته من الربح ألف درهم، ثم ضاع المال كله في أيديهما، ولم يقبض رب المال رأس ماله من المضارب، فإن الألف التي قبض رب