للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلاف في وجوب الشيء. فمثلاً العمرة واجبة في رأي بعض الفقهاء وتطوع في رأي بعض الفقهاء الآخرين (١). ويمكن أن يبنى وجوب الشيء على الاحتياط. فمثلاً إذا استيقظ الشخص من النوم وهو لا يذكر احتلاماً ولكنه وجد المذي في ثوبه فإن أبا حنيفة ومحمداً يقولان بوجوب الغسل عليه احتياطًا، أما أبو يوسف فيرى أنه لا يجب الغسل عليه حتى يعلم أنه قد احتلم (٢).

يبين الشيباني أن بين الواجبات فرقاً من حيث درجة الوجوب، فتكون بعض الواجبات أوجب من بعضها الآخر. فمثلاً الصلاة المكتوبة أوجب من سجدة التلاوة، وتكبير التشريق أوجب من التلبية، وصلاة المغرب أوجب من صلاة الجنازة (٣). وإذا استعملنا المصطلحات المعروفة فالصلاة المكتوبة فرض وسجدة التلاوة واجبة، وتكبير التشريق واجب والتلبية سنَّة، وصلاة المغرب فرض عين وصلاة الجنازة فرض كفاية. فمن خلال هذه الأمثلة نرى أنه قد استعمل الواجب للتعبير عن السنَّة مجازاً لوجود القياس بين واجب وسنَّة. كذلك في هذه الأمثلة يستنتج الشيباني أنه يجوز الإيماء في سجدة التلاوة كما يجوز في الصلاة المكتوبة، وأن المحرم في يوم عرفة يكبر تكبيرة التشريق بعد الصلاة أولاً ثم يأتي بالتلبية، وأن الجنازة إذا حضرت بعد أذان المغرب فإن صلاة المغرب تؤدى أولاً ثم تؤدى صلاة الجنازة. هناك مثال آخر: يعتبر حد القذف أوجب الحدود لأنه حق للعبد، فإذا اجتمعت حدود مختلفة فيقدم تطبيق حد القذف على باقي الحدود (٤). وفي مثال آخر يفيد الشيباني أن الصلوات الخمس وصلاة الجمعة والحج أوجب من صلاة العيد (٥). وتوجد مثل هذه الاستعمالات في مؤلفات الشيباني الأخرى (٦). فمثلاً يذكر الشيباني أن الصلاة والصوم أوجب من دم الجزاء في


(١) الأصل للشيباني، ٦/ ٧٢ ظ.
(٢) الأصل للشيباني، ١/ ٧ ظ.
(٣) الأصل للشيباني، ١/ ٦١ ظ، ٧٤ و، ٨١ و. ولمثال آخر انظر: نفس المصدر، ٧/ ١٧٩ و.
(٤) الأصل للشيباني، ٥/ ٣٥ و.
(٥) الأصل للشيباني، ٧/ ٢٣٣ و.
(٦) الحجة للشيباني، ١/ ٢٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>