للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا كان دم العمد بين الرجلين (١) فعفا أحدهما فلا قود على القاتل، وللآخر أن يأخذ حصته من الدية في مال القاتل. وبلغنا عن عمر وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - أنهما قالا ذلك (٢). وهو في ثلاث سنين، يؤخذ في كل سنة ثلث.

وإذا كان دم العمد بين اثنين فشهد أحدهما على الآخر أنه عفا فأنكر ذلك المشهود عليه والقاتل فقد بطلت حصة الشاهد من الدم، لأنه يجر المال إلى نفسه بشهادته. ولا شيء له على القاتل، وللمشهود عليه نصف الدية في مال القاتل. ولو كان ادعى القاتل شهادته على صاحبه بالعفو فشهد على عفو (٣) صاحبه عن القاتل فإن لهما الدية جميعاً عليه. ألزمته نصف الدية للشاهد مِن قِبَل أنه ادعى شهادته وزعم أنه قد وجب له نصف الدية حين زعم أن الآخر قد عفا. ولم يلزمه له في الباب الأول شيء مِن قِبَل أنه أنكر شهادته له ولم يدعها. فأما المشهود عليه فله نصف الدية على كل حال، لأن شهادة أخيه لا تجوز عليه، لأنه يجر نصف الدية إلى نفسه. ولو شهد معه آخر لم يجز (٤) ولم يبطل حقه من الدية.

فإذا كان دم (٥) العمد بين اثنين فشهد كل واحد منهما على صاحبه أنه قد عفا والقاتل لا يدعي ذلك ولا ينكر فأيهما ما شهد أول مرة فقد بطل


(١) ف: بين رجلين.
(٢) ف: بذلك. سيأتي قريباً بإسناده عند المؤلف. ورواه كذلك في الآثار حيث قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن عمر بن الخطاب أُتِيَ برجل قد قتل عمدا، فأمر بقتله. فعفا بعض الأولياء، فأمر بقتله. فقال عبد الله بن مسعود: كانت النفس لهم جميعاً فلما عفا هذا أحيى النفس، فلا يستطيع أن يأخذ حقه - يعني الذي لم يَعفُ - حتى يأخذ حقَّ غيره. قال: فما ترى؟ قال: أرى أن تجعل الدية عليه في ماله، وتَرفع عنه حصة الذي عفا. قال عمر: وأنا أرى ذلك. قال محمد: وأنا أرى ذلك. انظر: الآثار لمحمد، ١٠٣؛ والحجة على أهل المدينة له، ٤/ ٣٨٣؛ والمصنف لابن أبي شيبة، ٥/ ٤١٨؛ والسنن الكبرى للبيهقي، ٨/ ٦٠.
(٣) ف: على غير.
(٤) ط: لم يجر. وانظر: المبسوط، ٢٦/ ١٥٩.
(٥) ز: الدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>