للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القصاص حق من حقوق الناس، والسرقة حق من حقوق الله تعالى، فلما دخلت هذه الشبهة درأت عنه؛ لأنه بلغنا عن عمر بن الخطاب أنه قال: ادرءوا الحدود ما استطعتم (١)، فإذا وجدتم للمسلم (٢) مخرجاً فادرؤوا عنه، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة (٣).

قلت: أرأيت الرجل إذا أقر بالسرقة عند الإمام، فقال: سرقت من فلان كذا وكذا، فقال فلان: كذبت، تسرق (٤) شيئاً، هل تقطعه؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن صاحب السرقة أبرأه. قلت: أفرأيت إن قال صاحب السرقة: هذا المتاع متاعك، ليس لي، أو قال: أمرتك بذلك، أو قال: متاعي كان وديعة عندك أو عارية، أو متاعاً كنت بعتك وأنت بالخيار أو أنا بالخيار وهو متاعي، أو قال: غصبتنيه غصباً ولم تسرقه؟ (٥) قال: إذا أقر صاحب المتاع بشيء مما ذكرت درأت الحد عن السارق. قلت: فإن قال (٦): المتاع لأبيك أيها السارق أو لأمك (٧) أو لأخيك أو لذي رحم محرم من السارق وهو أمرك بهذا، هل تقطعه؟ قال: لا. قلت: أرأيت السارق إن قال في ذلك كله: كذبت، بل سرقته منك؟ قال: لا أقطعه وإن قال هذا، لأن رب المتاع قد أبرأه من السرقة. قلت: فإن أقر (٨) السارق بالسرقة وادعى ذلك رب المتاع فقضى القاضي عليه القاضي بالقطع فقال رب المتاع قبل أن يقطعه: لا والله ما سرقه وإنه لمتاعه، هل تدرأ (٩) عنه الحد؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأنه أبرأه من السرقة وزعم أن المتاع متاعه، وكيف أقطعه في متاعه. قطت:


(١) ز: ما ستطعتم.
(٢) ز: لمسلم.
(٣) روي نحو ذلك عن عمر - رضي الله عنه - وغيره من الصحابة. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، ٥/ ٥١١؛ والسنن الكبرى للبيهقي، ٨/ ٢٣٨. وقال الحافظ ابن حجر: ورواه أبو محمد بن حزم في كتاب الإيصال من حديث عمر موقوفاً عليه بإسناد صحيح. انظر: تلخيص الحبير لابن حجر، ٤/ ٥٦. وقد روي الحديث مرفوعاً بأسانيد ضعيفة. انظر: سنن الترمذي، الحدود، ٢؛ والمصادر السابقة.
(٤) ز: لم يسرق.
(٥) ز: يسرقه.
(٦) م ف + رب.
(٧) ف: لابنك.
(٨) ز - أقر.
(٩) ز: يدرأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>