للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: للشبهة التي دخلت، ألا ترى أني قضيت بالمائة الأولى التي أقر بها للأول وأمرت بدفعها إليه، فقد جعلتها ديناً، فكيف أقطعه فيها. قلت: فلا يقضى فيها للآخر بشيء؟ قال: بلى، أقضي عليه بمائة درهم أخرى. قلت: فلو لم يقر بهذا (١)، ولكن الشهود شهدوا عليه فقالوا: إنه سرق من هذا مائة درهم، ثم قالوا قبل أن يقضى: أوهمنا، إنما سرق من هذا؟ قال: لا أقطعه، ولا أقضي عليه بشيء من الدراهم لواحد منهما، ولا أقبل شهادتهم للأول، لأنهم قد رجعوا، فأتهمهم على الآخر. قلت: فلو كان الشهود أربعة، فثبت اثنان على الشهادة للأول، ورجع اثنان، فشهدا على الآخر، هل تقطعه؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: للشبهة التي دخلت. قلت: فهل تضمنه (٢) شيئاً؟ قال: نعم، أضمنه ما له للأول. قلت: لمَ؟ قال: لأن الشاهدين ثبتا على ذلك، فلا أجيز شهادة الراجعين على الآخر، ولا أقطعه (٣) بشهادتهما؛ وإذا ادعى المسروق منه فقال: الأول سرقني (٤)، وثبت شاهدان عدلان، ضمنت الأول ولم أنظر إلى شيء من أمر الآخر.

قلت: أرأيت الرجل يقر أنه سرق من رجل مائة درهم، ثم جاء آخر فقال: لم يسرقها هذا، ولكن أنا سرقتها، فقال المسروق منه: كذبت وكذب الآخر، وقال: الأول هو الذي سرقها، هل يقطع الأول وقد وصف السرقة وأثبتها؟ قال: نعم. قلت: فإن قال صاحب السرقة: لم يسرقها، وقد علمت فذكرت أن هذا الآخر هو الذي سرقها، هل يقطع الآخر؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن صاحبها قد ادعى على الأول، فدعواه على الأول براءة للآخر، فإذا ادعى على الآخر لم أقطعه في شيء قد أبرأه منه. قلت: فهل تقطع (٥) الأول إن كنت لم تقطعه؟ قال: لا، لأنه قد أبرأه حين ادعى على الآخر. قلت: فهل يضمن الأول السرقة؟ قال: لا، لأن صاحبها قد أبرأه. قلت: أرأيت حين قال: أنا سرقتها (٦)، فقال له صاحب السرقة:


(١) ف: هذا؛ ز: لهذا.
(٢) ز: يضمنه.
(٣) ز: أقطعهم.
(٤) ز: سرقتني.
(٥) ز: يقطع.
(٦) م ز: اسرقتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>