للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكره المولى على شيء، إنما (١) أكره المعتق عنه، فلما لم يضمن المعتق عنه شيئاً لم يكن على الذي أكره ضمان. ولا يشبه هذا الذي أكرهه على الشراء والقبض ثم أكرهه على العتق بعد ذلك وكان الإكراه بالتوعد بالقتل، لأن البائع إنما رضي بالبيع ولم يرض بالإكراه على العتق، لأنه هو الذي أكرهه على العتق، ولولا العتق لرد إليه عبده. فلما أكره المشتري على العتق بالوعيد بالقتل فلم يكن على المعتق ضمان ضمن ذلك الذي أكرهه، لأن الإكراه لم يكن برضى البائع. فأما إذا طابت نفس مولى العبد بأن يعتقه عن الرجل المكره بمال، فأكره المعتق عنه على ذلك حتى قتل، فلم يلحق المكره ضمان، فكذلك (٢) لا يلحق على الذي أكرهه، لأن الذي أكرهه على عتقه كأنه استهلكه بإذن صاحبه. ألا ترى أن رجلاً لو سأل اللص الغالب أن يكره هذا الرجل على أن يشتري منه هذا العبد بألف درهم ويقبضه منه على ذلك، ففعل اللص وأكرهه على ذلك بتوعد بقتل أو ضرب يخاف منه تلفأ (٣)، فقبضه فمات في يده، لم يضمن الذي أكرهه ولا المكره للمولى شيئاً.

فإن طلب المولى أيضاً إلى الذي أكرهه أن يكره المشتري على عتق العبد فأكرهه بتوعد بقتل حتى أعتقه كان حراً عنه، ولم يكن عليه ولا على الذي أكرهه ضمان، لأن مولى العبد هو الذي سأل ذلك.

ولو كان أكرهه اللص الغالب على العتق بالوعيد بالقتل فأعتقه وذلك بغير أمر المولى كان للمولى أن يضمن الذي أكرهه قيمة عبده، لأنه استهلكه بغير أَمْرٍ أَمَرَه. وإنما يشبه العتقال في وصفت لك إذا رضي به المولى وأكره عليه المعتق عنه وطلمب المولى الذي أكرهه بعد الشراء أن يكرهه على أن يعتق العبد.

ولو كان اللص الغالب أكره مولى العبد على أن يعتق العبد عن الرجل بوعيد بحبس أو قيد، وأكره الآخر على أن يقبل بوعيد بقتل، ففعلا ذلك،


(١) م ف ز: ما.
(٢) ز: فلذلك.
(٣) ز: تلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>