للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكفر المستقبل كان بذلك كافراً عندنا، ينبغي له أن يتوب من ذلك وتبين منه امرأته. ولو قال: إن ذلك لم يخطر على بالي ولم يخطر لي (١) فكفرت بالله كفراً مستقبلاً على غير إخبار بما مضى وقلبي مطمئن بالإيمان جاز هذا له عندنا، ولم تبن منه امرأته، لأنه إذا لم يخطر على باله إلا ما قيل له فهو مكره عليه، وإذا خطر على باله (٢) شيء يكون به خارجاً مما أكرهه عليه ليس بكفر منه مستقبل، فتركه وكفر كفراً مستقبلاً بانت منه امرأته ولم يجز له ما صنع. ألا ترى لو قالوا (٣) له: لنقتلنك أو لتصلين لهذا الصليب، فقام يصلي فخطر على باله أن يصلي لله عز وجل وهو مستقبل القبلة أو غير مستقبل القبلة فإنه ينبغي له أن تكون صلاته لله، فإن ترك أن يصلي (٤) لله وصلى يريد الصلاة إلى الصليب كان ذلك كفراً بالله وبانت منه امرأته، ولو لم يخطر على باله شيء من ذلك فصلى يريد ما أمر به مكرها غير راض (٥) به وخاف إن لم يفعل أن يقتل لم تبن منه امرأته.

وكذلك لو قيل له: لنقتلنك أو لتشتمن محمداً، فخطر على باله رجل من النصارى يقال (٦) له: محمد، فإن شتم محمداً يريد به (٧) الرجل الذي خطر على باله لم يكن بذلك كافراً ولم تبن منه امرأته، وإن ترك ما خطر على قلبه وشتم محمداً وقلبه كاره لما صنع لم ينفعه ذلك شيئاً (٨)؛ لأنه قد كان يقدر على أن لا يشتمه ويشتم إنساناً غيره. ولو لم يخطر على باله أحد غيره فشتمه يريد شتمه وهو كاره لذلك بقلبه لم يكن بهذا كافراً (٩) ولم تبن منه (١٠) امرأته.

ولو أن لصوصاً غالبين أكرهوا رجلاً على أن يعتق عبده بوعيد بقتل أو ضرب يخاف منه تلفاً (١١) فخطر على باله أن يقول: هو حر، يريد الخبر بالكذب وسعه أن يمسكه عبداً فيما بينه وبين ربه. وإن رفع (١٢) إلى القاضي


(١) م: بي.
(٢) م: بباله.
(٣) م: لو قال.
(٤) ز + أن يصلي.
(٥) ز: أرض.
(٦) ز: فقال.
(٧) ز - به.
(٨) ز: شيء
(٩) ز: كافر.
(١٠) ز + به.
(١١) ز: تلف.
(١٢) ف: دفع.

<<  <  ج: ص:  >  >>