للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه تلف فأعتقه كله كان حراً كله. فأما في قياس قول أبي حنيفة فالعبد حر في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى، ولا شيء على الذي أكرهه من قيمة العبد؛ لأنه فعل غير ما أمره به. ألا ترى أن أبا حنيفة كان يقول: لو أن رجلاً أمر رجلاً أن يعتق نصف عبده فأعتقه كله كان الحتق باطلاً؛ لأنه قد خالفه، وكذلك يجيء هذا في قوله. وأما في قياس قول أبي يوسف وهو قول محمد فالعتق جائز في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى، ويغرم الذي أكرهه قيمته للمعتق؛ لأنه إذا أكرهه على عتق بعضه فكأنه أكرهه على عتقه (١) كله. ولو كان أكرهه على أن يعتقه كله فأعتق نصفه كان هذا والأول سواء في قياس قول أبي يوسف وهو قول محمد، ويعتق العبد كله، ويغرم الذي أكرهه قيمته كلها للمولى. وأما في قياس قول أبي حنيفة فيعتق نصف العبد، ويسعى في نصف قيمته لمولاه، ويرجع المولى على الذي أكرهه بنصف قيمته. فإن تَوَى (٢) ما على العبد من نصف القيمة كان للمولى أن يرجع به أيضاً على الذي أكرهه، ويرجع الذي أكرهه على العبد بما أخذ منه، ويكون الولاء بينهما نصفين (٣) نصفه للذي أعتق ونصفه للذي أكرهه، وهو نصف الذي غرم فيه السعاية.

ولو أن رجلاً مريضاً أكرهت امرأته بوعيد بقتل أو سجن حتى تأمره (٤) أن يطلقها تطليقة بائنة، فأمرته بذلك، فطلقها كما أمرته تطليقة بائنة، ثم مات وهي في العدة ورثته؛ لأن الأمر كان باطلاً حين كان بإكراه. فإن قالت له حين أكرهت على ذلك: طلقني تطليقتين بائنتين، ففعل ثم مات وهي في العدة لم ترثه؛ لأنها أذنت له في غير ما أكرهت عليه، فلما بانت بما أكرهت عليه وبما لم تكره (٥) عليه مما أمرته لم ترثه. وهذا قياس الذي وصفت في أول هذا الباب من طلاق الزوج لامرأته التي لم (٦) يدخل بها إذا أكره على تطليقة فطلقها اثنتين (٧). ألا ترى أن امرأة لو أمرت زوجها أن


(١) م: على عتق.
(٢) أي هلك، كما تقدم.
(٣) ز: نصفان.
(٤) ز: يأمره.
(٥) ز: لم يكره.
(٦) ف - لم.
(٧) ز: ثنتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>