للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسألت أبا يوسف عن رجل اتخذ في أرض له رَحَى على النهر الأعظم الذي للعامة، مفتاحها في أرضه، ومسيلها في أرضه، لا يضر بأحد، فأراد بعض جيرانه أن يمنعه من ذلك؛ قال: لا (١)، ليس له أن يمنعه ذلك، من قبل أنه اتخذها في ملكه، وليس فيها ضرر.

وسألت أبا يوسف عن هذا النهر العظيم إن كانت عليه أرض لرجل حَدُّها الماء، فنقص الماء، وجَزَرَ عن أرض، فاتخذها هذا الرجل وحازها إلى أرضه، قال: ليس له ذلك إذا كان ذلك (٢) يضر بالنهر.

وسألت أبا يوسف، قلت له: إنه (٣) بلغني أن الفرات بأرض الجزيرة تَجْزِرُ (٤) عن الأرض العظيمة، فيتخذها الرجل وهي في حد أرضه؛ قال: ليس له ذلك إذا كان يضر بالفرات، وهذا لعامة المسلمين. فإن كان لا يضر بالفرات فهي له في قول أبي يوسف ومحمد. إذا حصنها من الماء فقد أحياها. وقد جاء في الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من أحيا أرضاً ميتة فهي له" (٥). وجاء عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مثله (٦). وفي قول أبي حنيفة لا تكون له، إلا أن يفعل ذلك بإذن الإمام.

وسألت أبا يوسف عن نهر بين قوم، يأخذ من هذا النهر الأعظم، له فيها كُوَى مسماة، فأراد رجل منهم -وأرضه واسعة وكان نهره الذي يستقي منه في أسفل أرضه- أن يحول نهره فيجعله في أعلى أرضه؛ قال: ليس له ذلك. فقلت: أليس يكون الطريق بين قوم، للرجل فيه باب، فيفتح فيه بابين أو ثلاثة (٧) إن شاء؟ قال: نعم. قلت: فلم لا يكون هذا (٨) النهر مثل الطريق؟ قال: لأن هذا يذهب من الماء بأكثر مما كان له، فيضر ذلك بأصحابه. والذي يمر في الطريق من بابين


(١) د - لا.
(٢) د ف - ذلك؛ صح د هـ.
(٣) د: إن.
(٤) جزر الماء يجزر، أي: انحسر، من بابي ضرب وقتل. انظر: المصباح المنير، "جزر".
(٥) تقدم.
(٦) تقدم.
(٧) د: أو ثلثة.
(٨) ف - هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>