للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قد غلب عليه الماء، فضرب عليه المسنَّيات (١) واستخرجه وأحياه (٢) وقطع ما فيه من القصب، رأيتها له بمنزلة الأرض الموات. وكذلك كل ما عالج في أَجَمَة أو في بكر أو في نهر بعد أن لا يكون فيه ملك لأحد إن لم يستخرجه رجل غيره (٣) فهو له. وهو عندي بمنزلة الموات. وفي قياس قول أبي حنيفة: لا يكون له إلا أن يأذن له الإمام في ذلك. وفي قول أبي يوسف ومحمد (٤): هي له.

ولو أن رجلاً أحيا شيئاً من ذلك لرجل كان قبله يملكه رددت ذلك كله إلى الأول، ولم أجعل للثاني فيه حقاً. فإن كان الثاني قد زرعه فله زرعه، وهو ضامن لما نقص الأرض، وليس عليه أجر، وهو ضامن لما قطع من قصبها (٥). وكذلك لو كانت هذه الأرض في البر؛ لأنه بمنزلة الغاصب.

وإذا حفر الرجل بئراً في مفازة بإذن الإمام كان له ما حولها - ما ذكرت لك - من الزرع. فإن احتفر آخر في ذلك الزرع لم يكن له ذلك، وكان للأول أن يسد ما احتفر الثاني؛ لأنه له من حريم بئره. وكذلك لو بنى الثاني في ذلك الموضع بناءً أو زرع فيه زرعاً أو أحدث فيه شيئاً كان للأول أن يمنعه من ذلك، وما عطب في بئر الأول فلا ضمان عليه، وما عطب في عمل الثاني ضمن الثاني ذلك كله؛ لأنه أحدثه في ملك غيره. [قلت:] ولو أن الثاني حفر بئراً بإذن الإمام في غير حريم الأول، وهي قريبة منه، فذهب ماء بئر الأول، وعرف أن ما ذهب من ماء البئر الأول من حفر الآخر، فاستعدى عليه الأول (٦)، هل يقضى له على الآخر بشيء؟ قال: لا؛ لأنه لم يحدث في حريم الأول شيئاً. ألا ترى أني أجعل للآخر حريماً مثل حريم الأول وحقاً مثل حق الأول. وكذلك العين هي مثل بئر الناضح وبئر العَطَن (٧).


(١) المسناة هي السد كما تقدم.
(٢) د: وأتاه (مهملة).
(٣) دم ف: وغيره.
(٤) ف - ومحمد.
(٥) د: من قصبهما.
(٦) ف - الأول.
(٧) تقدم تفسيرهما قريباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>