للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفديه مولاه الذي هو له بالدين. وكذلك لو أن صاحبه الذي صار له جاء بالعبد مسلماً إلى دار الإسلام كان بهذه المنزلة لا سبيل لمولاه الذي كان له عليه، وتبطل الجناية عن العبد، ويثبت الدين. فإن اشتراه مولاه الذي كان له وقد كان جنى جناية لم تلحقه الجناية عند مولاه؛ لأنه لم يأخذه على الملك الأول.

وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فادّان (١) ديناً أو قتل رجلاً خطأ، ثم إن العبد ارتد عن الإسلام ولحق بدار الحرب، ثم إن المسلمين أسروه (٢)، فإن مولاه أحق به قبل القسمة وبعدها بغير شيء، ويلحقه الدين والجناية؛ لأن العبد لم يحرزه المشركون وإنما هو آبق. وإذا أخذه المسلمون ردوه على مولاه واتبعه الدين والجناية. وإذا ادّان المسلم ديناً، ثم ارتد عن الإسلام ولحق بالدار ولم يدع مالاً في دار الإسلام، فأسره المسلمون، فإن الإمام يعرض عليه الإسلام، فإن أسلم فهو حر لا سبيل عليه، والدين لازم في عنقه يؤخذ به. وإن أبى (٣) قتل وبطل الدين إلا أن يوجد له مال في دار الإسلام فيقضى منه دينه. وإذا ادّانت المرأة المسلمة ديناً، ثم إنها ارتدت عن الإسلام ولحقت بالدار فأسرها المسلمون فإنهم يجبرونها على الإسلام ولا تقتل. فإذا أسلمت فهي أمة للذي أسرها وقد بطل دينهم عنها؛ لأن الدين كان عليها وهي حرة، فلما صارت أمة بطل كل دين وكل حد وقصاص فيما دون النفس وجب عليها قبل الردة؛ لأن الحكم تغير حين صارت أمة. وأما القصاص في النفس فإنه على حاله عليها؛ لأن الأمة والحرة فيه سواء. وكذلك الرجل الذمي والمرأة الذمية يستدين أحدهما ديناً، ثم ينقض العهد ويلحق بدار الحرب وأخذه المسلمون بعد ذلك، فهو رقيق لمن أخذه وقد بطل عنه الدين وكل حد وجب عليه أو قصاص فيما دون النفس قبل أن ينقض العهد. فأما القصاص في النفس فهو واجب عليه؛ لأن الحر والعبد فيه سواء. وهذا كله قول أبي يوسف قاسه على قول أبي حنيفة. وهو قول محمد.


(١) أي: استدان، كما تقدم.
(٢) ز: أسره.
(٣) م ز - أبى؛ صح م هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>