للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان هذا جائزاً (١). وما خرج من شيء فهو لرب الأرض، وما زرع رب البذر فهو قرض له على صاحب الأرض. وإن لم تخرج الأرض شيئاً رجع صاحب البذر على صاحب الأرض ببذره الذي بذره.

ولو كان قال له: ابْذُرْ لي فيها كُرًّا من طعامك، على أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فلك منه (٢) النصف، ولي منه النصف، ففعل، كان هذا جائزاً. وما خرج منها من شيء فهو بينهما نصفان. ويرجع صاحب البذر على صاحب الأرض بطعام مثل الكر الذي بذر له؛ لأنه قال له: ابذر لي. فهذا جائز. إنما قال له: أقرضني كرًّا، وابذره لي في أرضي، على أن تعمل في ذلك، فما أخرج الله تعالى منه من شيء فهو بيني وبينك نصفين. فهذا جائز؛ لأن بذره له الطعام (٣) في أرضه بأمره بمنزلة قرض المستقرض الطعام من المقرض. أرأيت لو قال له: أقرضني مائة درهم، واشتر لي بها كرّاً، ثم ابذره لي في أرضي (٤)، على أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فلك منه النصف، ولي منه النصف، لم يكن جائزاً؟ فكذلك هذا. إلا أن هذا مكروه؛ لأنه قرض جر منفعة.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل كُرًّا من طعام، على أن يَبْذر رب الأرض في أرضه، ويعمل في سنته هذه، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا فاسد في قول أبي يوسف وقولنا (٥). فإن عمل رب الأرض على هذا فأخرجت الأرض زرعا كثيراً فالزرع كله لصاحب البذر، ولصاحب الأرض والعمل أجر مثله وأجر مثل أرضه على صاحب الزرع. يستوفي صاحب الزرع بذره وما غرم من الأجر من الزرع، ويتصدق بالفضل إن كان في الزرع فضل. ولو لم تخرج الأرض شيئاً كان على صاحب البذر أجر مثل الأرض، وأجر مثل عمل صاحب الأرض؛ لأنه عمل له.


(١) ز: جائز.
(٢) ز: منها.
(٣) م ف: والطعام.
(٤) م ف: في أرض.
(٥) ز: وأما قولنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>