للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، فلما وقعت عُقْدَة المزارعة قال: قد بدا لي أن لا أزرع (١) في أرضي هذه في هذه السنة شيئاً، وقال الذي أخذها مزارعة: أنا أعمل فيها، فليس (٢) لرب الأرض أن يمنع المزارع من زرعها إلا من عذر. والعذر هاهنا الدين الفادح (٣) يكون على رب الأرض ولا يقدر على قضائه إلا من ثمن هذه الأرض، فيبيعها فيه، فهذا العذر الذي لرب الأرض أن يمنع الزارع من زرعها من أجله. ولا يشبه هذا الوجه الأول؛ لأن الأرض هاهنا هي التي استؤجرت بنصف ما يخرج. وليس لصاحبها أن يمنع الزارع من زرعها إلا على ما وصفت لك.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً له معاملة، على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقّحه (٤) بنفسه وأجرائه وأعوانه، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا جائز في قول أبي يوسف ومحمد.

فإن (٥) وقعت عُقْدَة المعاملة بتراضي منهما (٦)، ثم قال الذي أخذ النخل معاملة: لا أعمل في هذا النخل ولا في غيره، أريد ترك هذا العمل وأعمل عملاً غيره، أو قال: أريد ترك كل عمل وأسافر، وأبى صاحب النخل أن يدعه، فإنه يجبر على العمل، وليس شيء مما ذكرت بعذر.

وكذلك إن قال صاحب النخل: أريد أن أعمل في نخلي وأخرجك منه فأكون أنا القيّم (٧) على النخل وعلى تلقيحه وعلى علاجه، وقال الذي أخذ النخل معاملة: أنا أعمله، فله أن يعمله، وليس لصاحب النخل أن يخرجه منه؛ لأنه أجيره في هذا النخل. وليس له أن يمنعه من العمل إلا أن يبيع صاحب النخل النخلَ في دين فادح ولا وفاء عنده به، فيكون


(١) م: لا ان زرع.
(٢) م ف ز: وليس.
(٣) أي: الثقيل، من فَدَحَه الأمرُ إذا عاله وأثقله، ويقال: خطب فادح ودين فادح. انظر: المغرب، "فدح".
(٤) م ز: ويلحقه.
(٥) م ف: قال؛ ز: وإذا.
(٦) ز: منها.
(٧) ف: المقيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>