للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما يعمل الناس أجبرت المزارع العامل على الكراب. وكذلك إن زرع ثم قال: لا أسقي، أدعها حتى تسقيها السماء، فإن كان يسقى (١) بماء السماء إلا أنه [إن] يسق (٢) كان أجود للزرع لم أجبره على السقي. وإن (٣) كان شيئاً لا يكفيه سقي السماء أجبرت (٤) المزارع على أن يسقي. وكذلك لو كان البذر من قبل صاحب الأرض كان مثل (٥) هذا في جميع ما وصفت لك.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً، على أن يَكْرُبَها ويزرعها سنته هذه، فما رزق الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا جائز. فإن أراد أن يزرعها بغير كِرَاب لم يكن له ذلك، ويجبر على الكراب. وكذلك لو كان البذر من قبله فأراد أن يزرع بغير كراب لم يكن له ذلك؛ لأن الكراب أجود للأرض وأكثر لزرعها.

ولو أن رجلاً دفع إلى رجل أرضاً وبذراً على أن يَكْرُبها ويَثْنِيَها (٦)، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذه مزارعة فاسدة؛ لأنه اشترط أن يكرب ويثني، والتثنية فيها منفعتها في الأرض بعد مضي السنة، والكراب بغير تثنية إنما هو لسنتها. فإذا اشترط عليه شيئاً تبقى منفعته بعد انقضاء المزارعة فالمزارعة فاسدة. وكذلك لو اشترط عليه أن يكربها ويَكْرِي (٧) أنهارها كان هذا أيضاً فاسداً (٨)؛ لأن كَرْيَ الأنهار تبقى منفعته بعد انقضاء المزارعة. وكذلك لو اشترط عليه إصلاح مُسَنَّاتِها (٩) كان


(١) ز: تسقى.
(٢) ز: يسقا.
(٣) ز: فإن.
(٤) ز: أجرت.
(٥) م ف ز: من.
(٦) ثَنَيْت الأرض ثنيا: كربتها مرتين، وثَلَثْتها: كربتها ثلاثاً، فهي مَثْنِيّة ومَثْلُوثَة. وقد جاء في كلام محمد -رحمه الله- التثنية والثنيان بمعنى الثني كثيراً. ومن فسر التثنية بالكراب بعد الحصاد أو برد الأرض إلى صاحبها مكروبة فقد سها. انظر: المغرب، "ثني".
(٧) كرى النهر يكريه أي: حفرها لإصلاحها، وقد تقدم مراراً.
(٨) ز: فاسد.
(٩) ز: مسنياتها. المُسَنّاة ما يبنى للسيل ليرد الماء. انظر: المغرب، "سنو".

<<  <  ج: ص:  >  >>