للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد: وهذا قول أبي حنيفة. وفيه قول آخر أنه يعاقب بالتعزير والحبس ولا يبلغ به أربعين سوطاً، ويحبس على قدر ما يرى الإمام حتى يحدث توبة (١). فإن شهود الزور إن (٢) لم يخافوا العقوبة أهلكوا الناس. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. ثم قال أبو يوسف بعد ذلك: يبلغ بالتعزير خمسة وسبعين سوطاً.

محمد عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطاة عن مكحول عن (٣) الوليد بن أبي مالك عن عمر بن الخطاب أنه قال في شاهد الزور: يضرب أربعين سوطاً ويسخّم (٤) وجهه ويطاف به (٥).

وشاهد الزور عندنا هو المقر على نفسه بذلك، وليس كالذي أرده بالتهمة ولا بالدفع عن نفسه (٦) ولا باختلاف في الشهادة وإن خالف الذي شهد له. ألا ترى أني لا أدري أيهما الصادق المشهود له أو الشاهد. ولعل المشهود له أراد بالشاهد العقوبة والتهمة فقصر في دعواه عن ما شهد به شاهده. وإذا اختلف الشاهدان فأيهما الكاذب حتى أعرفه وأحرزه، وأيهما أنْمادق حتى أدعه. هذا أمر مختلط لم يستبن (٧) للحاكم فيه شاهد الزور (٨)، فأدرأ (٩) التعزير، والعقوبة في هذا حسن. والنساء والرجال وأهل الذمة في شهادة الزور سواء. وقال أبو يوسف: أضربه (١٠) ولا أسخم (١١) وجهه. وهو قول محمد.


(١) ز: ثوبه.
(٢) ع - إن.
(٣) م ز ع: وعن. والتصحيح من المصنف لعبد الرزاق، ٨/ ٣٢٦، ٣٢٧.
(٤) سخّم وجهه، أي: سوده. انظر: مختار الصحاح، "سخم".
(٥) المصنف لعبد الرزاق، ٨/ ٣٢٦، ٣٢٧. وروي عن عمر وغيره عقوبات أخرى لشاهد الزور. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، ٤/ ٥٥٠؛ والسنن الكبرى للبيهقي، ١٠/ ١٤١.
(٦) أي: يدفع عن نفسه بشهادته شيئاً يضره. وعنوان الباب الآتي هو: باب شهادة الأجير ودافع المغرم.
(٧) ز: لم يستين.
(٨) م ع: لزور.
(٩) م ز ع: فادرى.
(١٠) ع - أضربه.
(١١) ع: يسخم.

<<  <  ج: ص:  >  >>