للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجعل كل واحد منهما والياً على حدة في نصيبه دون نصيب صاحبه فإن هذا لا يجوز.

فإن قال قائل: كيف لا يجوز هذا وإنما جعل هذا لله تعالى في الفقراء والمساكين، وإنما الواليان بمنزلة الوكيلين، فلا يجوز هذا كما جاز الذي وصفت قبله من الرجل الذي يتصدق عليه الرجلان بالصدقة فيوكل كل واحد منهما بقبض نصيب أحدهما دون نصيب صاحبه؟

قيل له: لا يشبه وكيلا الصدقة الموقوفة وكيل الرجل المتصدق عليه؛ لأن الرجل المتصدق عليه إنما جازت وكالة وكيله بأمره فكأن يدهما يده، فصارت أيديهما كيد واحدة قبضت، وإن وكيلي الصدقة الموقوفة إنما جعلهما وكيلين فيها للفقراء والمساكين المتصدقان (١)، والمتصدقان لا يجوز قبضهما للمساكين، فصارا وكيلا (٢) الصدقة الموقوفة كانهما رجلان تُصدق عليهما بالأرض؛ لأن وكالتهما لم تكن (٣) بوكالة رجل تُصدق عليه بالأرض. ولو قبضها جاز قبضه. فيكون قبضهما فإنه قبضه. إنما جازت وكالتهما بقبضهما دون قبض غيرهما. فلا يستقيم أن يكون قبضهما قبضًا واحداً وهي لم تجز (٤) بوكالة واحد. وإن المتصدق عليه بالأرض إذا وكل رجلين كما وصفنا إنما جاز ما صنعا بوكالته، فكانه هو الذي قبض. وإن وكيلي الصدقة الموقوفة إنما جازت وكالتهما بما وكلهما به المتصدقان، وهما رجلان متفرقان، فصار ذلك بمنزلة رجلين تصدقا بأرض لهما على رجلين متفرقين، وتصدق (٥) كل واحد منهما على أحدهما دون الآخر بنصيبه، فقبض الرجلان المتصدق عليهما ذلك (٦)، وأَمَّر كل واحد منهما ما تصدق به عليه، أو أَمَّر بذلك رجلاً واحداً، فقبض الوكلاء ما أُمروا. فهذه الصدقات كلها باطل؛ لأن كل واحد منهما تصدق بنصيبه على رجل على حدة، فهذه لا تكون (٧)


(١) م ز: المتصدقين.
(٢) على لغة أكلوني البراغيث.
(٣) ز: لم يكن.
(٤) ز: لم يجز.
(٥) ز: ويصدق.
(٦) ف: بذلك.
(٧) ز: لا يكون.

<<  <  ج: ص:  >  >>