للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول المذكور من قياس محمد على قول أبي حنيفة أو أبي يوسف أو كليهما، وأن الراوي للكتاب أو الناسخ قد اختصر العبارة. وهناك أمثلة تؤكد حصول ذلك بالفعل. فمثلاً:

يقول في كتاب البيوع: "وهذا قياس قول أبي حنيفة ومحمد، وأما في قول أبي يوسف … " (١) فيفهم من هذه العبارة أن المقصود بقوله: "وهذا قياس قول أبي حنيفة ومحمد" هو "وهذا قياس قول أبي حنيفة، وهو قول محمد"؛ لأنه لا يعقل أن يكون قول أبي يوسف مذكوراً صراحة، وقول محمد مذكوراً قياساً لتأخر الثاني عن الأول.

ويقول في كتاب الديات: "وأما في قياس قول أبي يوسف وهو قول محمد … " (٢) فهذه العبارة تدل على أن هذا القول للإمام محمد وأنه قال ذلك قياساً على قول أبي يوسف. لكن غُيرت العبارة في نسخة فيض الله أفندي هكذا: "وأما في قياس قول أبي يوسف ومحمد … " (٣) فهذا يبين لك كيف حدث تغير العبارة في النسخ المتأخرة. ولعل الناسخ أو الراوي لم يتفطن إلى أنه يغير المعني بتصرفه هذا. ولكن الفرق بين العبارتين في نظرنا دقيق ومهم جداً. ويغلب على الظن أن مثل هذا حدث في المسائل الأخرى الشبيهة.

ويقول في كتاب الإكراه: "وهذا قياس قول أبي حنيفة ومحمد؛ وقال محمد … " (٤) فيذكر دوام المسألة نفسها. فلو كانت المسألة مقيسة على قول محمد ولم تكن من صريح قوله لما استقام قوله: "وقال محمد"؛ لأن المسألة هي نفسها. إذن كانت العبارة في الأصل: "وهذا قياس قول أبي حنيفة، وهو قول محمد". لكن الراوي أو الناسخ تصرف في العبارة، فغير المعنى وهو لا يشعر.


(١) انظر: ١/ ٢٢٧ ظ
(٢) انظر: ٤/ ٢٥٥ ظ.
(٣) انظر نسخة فيض الله أفندي (رقم ٦٦٨)، ٤/ ٢٦٣ ظ.
(٤) انظر: ٥/ ٧٣ ظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>