للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشتري منه شيئاً (١) ولا يبيع منه شيئاً حتى يعلم أن مولاه قد أذن له في التجارة. فهذا ضيق لا ينبغي أن يعمل في هذا بما يعمل في الأحكام. قال محمد: وكذلك سمعت أبا حنيفة يقول في العبد المأذون له في التجارة. ولو أن الناس أخذوا في هذا وشبهه بما يؤخذ به في الأحكام فقالوا: لا نجيز من هذا شيئاً إلا ما يجوز في الأحكام بشاهدي عدل سوى ذلك الذي في يده، ضاق هذا على الناس، ولم يشتر رجل شيئاً من مضارب ولا من شريك ولا من وكيل حتى يشهد شاهدا عدل بالشركة والمضاربة والوكالة، ولم ينبغ له أن يقبل جائزة من ذي سلطان ولا هدية من أخ ولا من ولد ولا من ذي رحم محرم حتى يشهد عنده بذلك شاهدا عدل على مقالة الواهب والمجيز والمتصدق. وهذا قبيح ضيق ليس عليه أمر الناس.

محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن الهيثم أن عاملاً لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أهدى إليه جارية، فسألها: أفارغة أنت أم مشغولة؟ فأخبرته أن لها زوجًا، فكتب إلى عامله: إنك بعثت إلي بها مشغولة (٢).

أفترى أن علي بن أبي طالب حين أتته الجارية كان مع الرسول شاهدان يشهدان أن فلاناً عاملك أهداها إليك. وقد سألها أيضاً: أفارغة أنت أم مشغولة، فلما أخبرته أن لها زوجًا صدقها بذلك وكف عنها، فلم يسألها غير ذلك. إلا أنها لو أخبرته أنها فارغة لم ير به بأساً بوطئها. فهذا الأمر عندنا في قوله لها. ولو لم تكن عنده مصدقة في ذلك أي القولين قالته لم يسألها عن شيء منه. وإن كان أكبر الرأي والظن لَيجوز فيما (٣) هو أكبر من ذلك من الفروج وسفك الدماء (٤).

(١) سقطت ورقة من نسخة ك ابتداء من هنا إلى قوله "إمساكها بشهادة الشاهدين" بعد صفحتين تقريباً، وأشرنا إلى ذلك في الهامش.

(٢) الآثار للإمام محمد، ٨١؛ والمصنف لعبد الرزاق، ٧/ ٢٨١؛ والمصنف لابن أبي شيبة، ٤/ ١٠٣.

(٣) ق: فيهما.

(٤) م + والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>