للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قبض السيف فهو جائز، لأن الفساد كان في غير الفضة؛ بمنزلة ثوب اشتراه رجل من رجل ونقد الثمن فأحرقه رجل آخر قبل أن يقبضه المشتري واختار المشتري إمضاء البيع وأن يُضَمِّنَ المفسدَ قيمةَ الثوب، فذلك له، ولا يُفْسِدُ ذلك تفرقُهما قبل أن يقبض القيمة. ألا ترى أنهما لو تفرقا والثوب قائم بعينه لم ينتقض البيع، فكذلك القيمة. وكذلك لو كان مكان الثوب سيف (١) محلّى فأفسده كلَّه رجلٌ وأحرقه (٢) بالنار (٣) فاختار المشتري إمضاء البيع وتضمين المفسد وأن يَنْقُدَ البائعُ الثمنَ، فذلك له. فإنْ ذَهَبَ المفسدُ وفارقهم قبل أن يَنْقُدَ قيمة الفساد فإن ذلك لا يُفسد البيع ما لم يفارق البائع المشتري، لأن المفسد ليس ببائع ولا مشتري، وإنما هو غاصب ضامن. فإن فارق البائع المشتري (٤) قبل القبض انتقض البيع كله في جميع ذلك في قول محمد. وهو قول أبي يوسف الأول. وقد بينتُ لك قوله الآخِر.

وإذا أسلم رجل ثوباً في كُرّ حنطة أو باع قُلْباً بدينار فهَشَمَ (٥) رجل القُلْب أو شَقّ الثوب باثنين واختار مشتري القُلْب والمسلَم إليه أَخْذَ القُلْب (٦) والثوب ونَقْدَ الثمن وقال: أتبع المفسد بضمان ذلك، وقَبَضَ القُلْب والثوب قبل أن يتفرقا، فله ذلك وإن لم يأخذ القيمة حتى تفرقا، لأنه قد قبضهما بأعيانهما.

واذا اشترى الرجل سيفاً محلّى بفضة وزنها خمسون درهماً بمائة درهم فأحرق رجل بَكْرَةً (٧) من حليته واختار المشتري قبض السيف وإمضاء البيع


(١) ز: سيفا.
(٢) م: أحرقه.
(٣) م ز - بالنار.
(٤) م ز - المفسد ليس ببائع ولا مشتري وإنما هو غاصب ضامن فإن فارق البائع المشتري.
(٥) أي: كسره، والهَشْم كسر الشيء الرخو، كما تقدم.
(٦) م ز - أو شق الثوب باثنين واختار مشتري القلب والمسلم إليه أخذ القلب.
(٧) قال المطرزي: البَكْرَة في حلية السيف حلقة صغيرة كالخَرَزَة، وكأنها مستعارة من بَكْرَة البئر. انظر: المغرب، "بكر".

<<  <  ج: ص:  >  >>