للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا أسلم الرجل الثوب إلى الخياط فقطعه قميصاً وشرط عليه إن خاطه اليوم فله درهم، وإن لم يفرغ منه اليوم فله نصف درهم، فإن أبا حنيفة قال: إن خاطه اليوم كما قال فله درهم، وإن لم يفرغ منه يومه ذلك فله أجر مثله، ولا ينقصه من نصف درهم. وقال أبو حنيفة: أرأيت لو قال: إن فرغت منه غداً فليس لك أجر، لم يكن هذا الشرط فاسداً؟ ولهذا كان يفسده أبو حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا شرط هذا الشرط فالقول فيه مثل قول أبي حنيفة، وليس هذا مثل الباب الأول، قد سمى له، وهذا لم يسم له، فهذا مخاطرة. أرأيت لو استأجره فقال: إن خطته خياطة كذا وكذا فأجرك نصف درهم، ألم يكن هذا على ما سمى، وهذا في قول أبي حنيفة الأول فاسد، لأنه لم يأخذه على شيء معلوم، وفي قوله الآخر جائز.

وقال أبو حنيفة: إذا اختلف القصار ورب الثوب في الأجر وقد عمل العمل فالقول قول رب الثوب مع يمينه. وكذلك الصباغ والخياط وكل عامل (١) يعمل بيده (٢) مثل هذا فالقول في الأجر قول رب المتاع. ولو قال رب الثوب: عملته في بغير أجر، كان القول قوله مع يمينه.

وقال أبو حنيفة: إذا اشترى الرجل من الرجل نعلاً بدرهم وشراكاً معها على أن يحذوها فهو جائز. وإن اشترى ثوباً بعشرة دراهم على أن يخيطه البائع الذي باع الثوب فهو فاسد، وهما في القياس سواء، غير أني أستحسن في النعل، لأنه عمل للناس، وليس يفعلون ذلك في الثياب.

وإذا جاء رجل إلى حذاء بشراكين ونعلين فاستأجره على أن يحذوها له بأجر مسمى فهو جائز. ولو اشترط عليه شراكين فأراه إياه ورضيه ثم حذاها له كان جائزاً. أستحسن في هذا وفي الخف يُنعَل ويُرقَع وفي النعل يُخصَف أن أجيز ذلك كله. ولو أتاه بثوب فأسلمه إليه ليقطعه جبة أو قباء وشرط عليه البطانة والحشو كان هذا فاسداً لا يجوز، وهذا مثل الخف والنعل في القياس، ولكن هذا لا يستصنعه الناس. أرأيت لو أتاه


(١) ص - عامل.
(٢) م: مثله.

<<  <  ج: ص:  >  >>