للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الروح. قال الشافعي: "ما رأيت سميناً أخف روحاً من محمد بن الحسن" (١).

وكان الشافعي يقول: "ما ناظرت سميناً أذكى منه" (٢). قال الذهبي: "وكان مع تبحره في الفقه يضرب بذكائه المثل" (٣). وقال الشافعي: "ما رأيت أعقل من محمد بن الحسن" (٤).

وكان الإمام يحب المناظرة وكان واسع الصدر أمام الأسئلة التي توجه إليه، لا يغضب ولا يتغير. قال الشافعي: "ما ناظرت أحداً إلا تمعر وجهه ما خلا محمد بن الحسن" (٥). وقال الشافعي: "ما رأيت أحدأ يُسأل عن مسألة فيها نظر إلا تبينت في وجهه الكراهة إلا محمد بن الحسن" (٦).

وكان قد وكل أموره المالية إلى وكيل له حتى يتفرغ للعلم. قال محمد بن سماعة: "قال محمد بن الحسن لأهله: لا تسألوني حاجة من حوائج الدنيا تشغلوا قلبي، وخذوا ما تحتاجون إليه من وكيلي، فإنه أقل لهمي وأفرغ لقلبي" (٧).

وكان محافظاً على وقار العلماء وجريئاً في وجه الملوك لا يتنازل عن الحق. قال أبو عبيد: "كنا مع محمد بن الحسن إذ أقبل هارون الرشيد، فقام إليه الناس كلهم إلا محمد بن الحسن فإنه لم يقم. ثم أُذن بالدخول على الرشيد، فدخل محمد بن الحسن فجزع أصحابه له، ثم خرج طيب النفس مسروراً، فقال: قال لي: ما لك لم تقم مع الناس؟ قلت: كرهتُ أن أخرج عن الطبقة التي جعلتني فيها، إنك أهّلتني للعلم، فكرهتُ أن أخرج منه إلى طبقة الخدمة التي هي خارجة منه، وإن ابن عمك - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن أحب أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار" (٨)، وإنه إنما أراد بذلك


(١) تاريخ بغداد، ٢/ ١٧٥؛ وتعجيل المنفعة، ٣٦١.
(٢) سير أعلام النبلاء، ٩/ ١٣٥.
(٣) سير أعلام النبلاء، ٩/ ١٣٥.
(٤) تاريخ بغداد، ٢/ ١٧٥.
(٥) تاريخ بغداد، ٢/ ١٧٧.
(٦) طبقات الفقهاء، ١/ ١٤٢.
(٧) تاريخ بغداد، ٢/ ١٧٦ - ١٧٧؛ والجواهر المضية، ١/ ٥٢٨.
(٨) رواه الترمذي بلفظ: "مَن سره أن يتمثل … ". انظر: سنن الترمذي، الأدب، ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>