نفسه. توجد في مخطوطات الأصل مقتبسات يسيرة في كتاب الصلاة وكتاب الصوم من كتب الشيباني الأخرى وكتب بعض الفقهاء الأحناف المتقدمين كما ينص على ذلك الناسخ بوضوح. وهذه الزيادات اليسيرة ترجع إلى تعليقات كتبت على هامش النسخ القديمة، فأدخلها المستنسخون المتأخرون في صلب الكتاب وخلطوها به. يدل تاريخ ١٦٠ المذكور كمثال في مسألة من مسائل الأصل، وتعيين أبي يوسف - الذي طلب من الشيباني تأليف الجامع الصغير بعد تأليفه الأصل - قاضياً في بغداد عام ١٦٦ أن الأصل قد أُكمل تأليفه قبل هذا التاريخ. لكن إذا أخذنا بعين الاعتبار المعلومة المفيدة أن الشيباني قد أعاد النظر في أكثر كتبه وأعاد تأليفها فإنه يمكن القول بأن هذا هو التأليف الأول للكتاب وأن التأليف الآخر قد تم في السنوات القادمة من حياة الشيباني. روى الأصل عن الشيباني تلاميذه وعلى رأسهم أبو سليمان موسى بن سليمان الجوزجاني (ت. بعد ٢٠٠) وأبو حفص الكبير أحمد بن حفص البخاري (ت. ٢١٧). وقد اشتهرت رواية الجوزجاني خصوصاً من بين الروايات الأخرى، ورأينا أن نسخة الأصل الموجودة بأيدينا اليوم مروي أكثر من نصفها عن طريق الجوزجاني، وأن ثُمنها تقريباً مروي عن طريق أبي حفص، وأن الباقي لا يوجد في معظمه ذكر لاسم الراوي. ويوجد في تراث الفقه الحنفي اقتباسات من الروايات الأخرى للكتاب. تذكر المصادر أن الأصل قد قرئ ودرس من قبل تلاميذ الشيباني في بغداد وبخارى والري الذي هو متصل بطهران اليوم، وكان لذلك تأثير كبير في انتشار المذهب الحنفي في تلك المناطق وما حولها.
إن المسائل الفقهية في الأصل تأتي في بعض الكتب والأبواب على شكل السؤال والجواب بصيغة "قلت - قال"، بينما تأتي في بعض الكتب والأبواب على شكل جمل شرطية تبتدئ بأدوات الشرط مثل "إذا، لو، إن". وسبب هذا الاختلاف في الأسلوب يمكن أن يكون راجعاً إلى تأليف الأصل مرتين. وقد ظن الأستاذ العلَّامة المرحوم محمد حميد الله أنه يوجد في مكتبات إسطنبول روايتان مختلفتان للأصل، لكن بعد اطلاعنا على النسخ التي أشار إليها الأستاذ حميد الله للاستدلال على مدعاه وبَحْثِنا فيها تبين لنا