مع إعطاء الأولوية للأخبار "المعروفة المشهورة". وقد تقدم الشيباني على الشافعي في الاستدلال الحجية خبر الواحد وكان سلفاً له في ذلك. إلا أنه لا يقبل خبر الواحد مطلقاً، بل يأخذ به في ضوء السنَّة المعروفة والمشهورة. ويرى الشيباني الكتاب والسنَّة دليلين لا يفترق أحدهما عن الآخر، بحيث لا يجهد نفسه للاستدلال بالقران في كل صغيرة وكبيرة، بل يقبل السنَّة والعمل المعروف لدى المجتمع المسلم والعلماء كدليل كاف يجب اتباعه. ويرجع الشيباني إلى أقوال الصحابة والتابعين في تفسير آيات الكتاب، ويقول بوجوب اتباع ما أجمع عليه الصحابة، واختيار أحد أقوالهم فيما اختلفوا فيه وعدم إحداث قول جديد. كما يحتج الشيباني يقول الصحابي فيما لا يعلم له فيه مخالف، وششدل كذلك بأقوال التابعين الذين اشتهروا بالفتوى على عهد الصحابة مثل إبراهيم النخعي وغيره. ويستعمل الشيباني مصطلحات السنَّة والحديث والأثر/ الآثار على نطاق واسع. وهذه المصطلحات تشمل أقوال وأفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والتابعين. ولكن المعنى المقصود بالسنَّة أولياً هو كونه العمل المشهور المعروف والذي ينبغي اتباعه لدى الأجيال السابقة خير القرون. ونرى في بعض المسائل أن الشيباني خالف رأي أبي حنيفة مستدلاً عليه بالسنَّة والأحاديث. ومخالفته هذه لا تنبع من خلف في الأصول والمنهج ولكنها نابعة من اقتناعه بوصول تلك الروايات - التي لم يعمل بها أبو حنيفة لأنها لم تصل لحد الشهرة - إلى درجة الشهرة. يحتوي الأصل على ١٦٣٢ رواية ما بين حديث مرفوع وموقوف ومقطوع. ويروي الشيباني كثيراً عن أبي حنيفة وأبي يوسف كما يروي في بعض المواضع عن مالك بن أنس بالإضافة إلى كثير من علماء الحديث والفقه الآخرين. والشيباني الذي يولي قيمة كبيرة لإجماع الصحابة يحتج بإجماع من بعدهم أيضاً. أما القياس فهو يطلق على عملية الاجتهاد والتفكير العقلي الذي يظهر على شكل القواعد العامة حيناً والقياس بمعناه الاصطلاحي عند المتأخرين حيناً آخر، والذي يستلهم من معاني النصوص ولا يعارضها على وجه العموم. وهذا التفكير العقلي قد نفذ إلى الأصل بكامله وحقق التناسق والترابط بين مسائله. ومما يتصل بهذا أن كلمة القياس قد استعملت في مواضع كثيرة من الأصل