للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث عجز. قلت: أرأيت إن كان قد أدى إليه ما كان صالحه هل يرجع بذلك عليه فيأخذه (١) منه؟ قال: لا، وهذا قول أبي حنيفة رحمة الله عليه. وقال أبو يوسف ومحمد: المال الذي صالح عليه لازم له وإن عجز (٢) قبل أن يدفعه إليه؛ لأنه دين عليه، وهو بمنزلة ما قضي به عليه من الإقرار بالجناية.

قلت: أرأيت مكاتبة ولدت ولداً في مكاتبتها ثم أقرت المكاتبة أن ولدها قد جنى جناية على رجل هل يجوز إقرارها عليه؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن ذلك إنما يلزم الولد، فلا يجوز إقرارها عليه (٣). قلت: وإن أدت بعد ذلك فعتقت؟ قال: وإن. قلت: أرأيت إن مات الولد وترك مالاً هل يأخذ المقَرّ له بالجناية من ذلك المال شيئاً لأن المكاتبة قد أقرت له بالجناية؟ قال: نعم، له الأقل من قيمة الولد ومن أرش الجناية. قلت: ولم؟ قال: لأن ذلك المال لها، وإقرارها (٤) على الولد بالجناية جائز فيما ترك. قلت: أرأيت إن أقرت بدين على الولد هل يلزمه والولد يجحد ذلك؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كان الولد مات وترك مالاً فأقرت بذلك هل يجوز ذلك في ذلك المال؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنها قد أقرت بأن عليه ديناً (٥)، فلا تأخذ (٦) من ذلك المال شيئاً حتى يؤدَّى ما عليه من الدين بإقرارها. ألا ترى أنه لو كان على الدين ثَبَتٌ (٧) كان ما بقي في يديه مما اكتسب للغرماء (٨). قلت: لم وأنت تجعل ما اكتسب الولد لها؟ (٩) قال: لأنه في هذا بمنزلة عبدها. ألا ترى أنها لو أذنت لعبدها في التجارة فاستدان ديناً كان ما اكتسب العبد للغرماء، وما بيده من شِرى أو بيع أو مال للغرماء، فكذلك ولدها. قلت: أرأيت إن أقر الولد بأن الأم قد جنت جناية هل يلزمه من ذلك شيء؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه لا يلزمه ما أقر


(١) ط: فيأخذ.
(٢) ز: عجزت.
(٣) ف + قال لا قلت ولم قال لأن ذلك إنما يلزم الولد فلا يجوز إقرارها عليه.
(٤) ز: وإقراها.
(٥) ز: دين.
(٦) ز: يأخذ.
(٧) الثبت هو الحجة. انظر: المغرب، "ثبت".
(٨) ف: الغرماء.
(٩) ط: ما اكتسب لولدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>