للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِن قِبَل أن هذا ليس بجناية من المولى بيده. وكذلك كل (١) ما أصابه مما أحدث المولى في الطريق ومما لا يجب على المولى فيه الكفارة فإن هذا ليس باختيار. وعلى المولى القيمة إن مات العبد من ذلك كله بينهما أثلاثاً. وإن أوطأه المولى وهو يسير على دابته أو وقع عليه فقتله وهو يعلم بجنايته فهذا اختيار، وعليه الأرش. وإذا أعتقه المولى أو كاتبه أو دبره أو باعه أو وهبه أو قتله وهو لا يعلم بالذي جنى فليس هذا منه باختيار، وعليه قيمة العبد بينهم أثلاثاً. فإن كان قد علم بأحدهما ولم يعلم بالآخر فعليه للذي (٢) علم به الأرش كاملًا، وعليه للذي لم يعلم به حصته من القيمة.

فإذا جنى العبد جناية لم تبلغ النفس فأعتقه المولى وهو يعلم بها قبل البرء، ثم انتقضت به الجراحة فمات، كان هذا منه اختيارا وعليه الدية. وإذا قال المولى لعبده: إن ضربت فلاناً بالسيف أو بعصا أو بسوط أو بيدك أو شججته أو جرحته فأنت حر، ففعل به شيئاً من ذلك فمات منه، عتق العبد، وكان هذا اختياراً من المولى، وعليه فيه الدية ما خلا خصلة واحدة: إن ضربه بالسيف فقتله فإن على العبد فيها القصاص، وليس في العمد الذي فيه القصاص اختيار مِن قِبَل أن فيه القصاص، وأن العبد والحر في ذلك كله سواء، لم يفسد عتق المولى من قصاصهم شيئاً.

وإذا جرح العبد جراحة ثم خاصم المولى فخيره القاضي فاختار عبده وأعطى الأرش، ثم انتقضت الجراحة ومات المجروح والعبد على حاله، فإنه كان ينبغي له في القياس أن يكون هذا منه اختياراً، ولكنا ندع القياس، لأنا إنما اخترنا (٣) في غير النفس، ونخيره الآن خياراً مستقبلًا. فإن شاء دفعه وأخذ ما أعطى، وإن شاء فداه بتمام الدية، وهذا قول أبي يوسف الأول، وهو قول محمد. ثم قال أبو يوسف بعد ذلك: إن عليه الدية.

وإذا جنى العبد جناية تبلغ الدية فاختار المولى إمساك العبد وليس عنده ما يؤدي وكان ذلك عند القاضي أو عند غير القاضي فالعبد عبده،


(١) ف - كل.
(٢) م ف ط: بالذي.
(٣) ف: أجزنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>