للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأبيك، وأمه حرة مسلمة، هل تحده؟ قال: نعم. قلت: ولمَ؟ قال: إذا قال: لست لأبيك فقد قذف أمه وزعم أنها زانية، وقد بلغنا عن عبد الله بن مسعود أنه قال: لا حد إلا في قذف محصنة أو نفي رجل من أبيه (١).

قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: أنت ابن فلان، لغير أبيه في حال غضب؟ قال: عليه الحد إذا كانت أمه حرة، وهذا والباب الأول سواء. قلت: أرأيت إن قال: لست بابن فلان، يعني جده، هل عليه حد؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه صادق في ذلك، لأنه (٢) ليس بابنه لصلبه. قلت: فإن قال: أنت ابن فلان، فنسبه إلى جده، هل عليه في هذا حد؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن الجد والد. قلت: (٣) فلو قال: أنت ابن فلان، لعمه أو لخاله (٤)، هل عليه في هذا حد؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن العم والد. ألا ترى إلى قول الله تعالى في كتابه: {نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} (٥)، فصار عمه أباه. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: أنت ابن فلان، فنسبه (٦) إلى زوج أمه، هل تحده؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن زوج أمه هو بمنزلة الوالد. ألا ترى إلى قول الله تعالى في كتابه: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ} (٧).

قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: لست من بني فلان، لقبيلته، هل تحده؟ قال: لا. قلت: ولمَ وقد نفاه من نسبه؟ قال: لأنه ليس من بني فلان لصلبه، فإذا كان هذا قذفاً كان القذف إنما وقع على امرأة فلان وهي كافرة، فلا حد على قاذفها.

قلت: فلو أن رجلاً مسلماً قال لرجل مسلم وأبواه كافران: لست لأبيك، لم يكن عليه حد؟ قال: لا. قلت: وكذلك إن كانت أمه أم ولد لم


(١) المصنف لعبد الرزاق، ٧/ ٤٢٣؛ والمصنف لابن أبي شيبة، ٥/ ٤٨٧.
(٢) ف - لأنه.
(٣) ف - قلت.
(٤) م: أو خاله.
(٥) سورة البقرة، ٢/ ١٣٣.
(٦) ف: ينسبه.
(٧) سورة النساء، ٤/ ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>