للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هؤلاء اللصوص لو كانوا لم يظفروا بمصر ولكنهم أخذوا رجلاً في طريق من طرق المسلمين ففعلوا هذا به، أو أخذوه (١) في مصر في دار لا يقدر فيها على غوث كان بمنزلة ما وصفت لك من اللصوص الأولين في جميع ما وصفت لك. ولو أن هؤلاء اللصوص غير المتأولين الذين وصفت لك الظاهرين على المصر أو غيرهم قالوا لرجل: لنحبسنك في سجن سنة أو لتشربن هذه الخمر أو لتأكلن لحم (٢) هذا الخنزير أو هذه الميتة أو قالوا: لنقيّدنك مع ذلك أبداً فلا نخرجك من السجن حتى تفعل ذلك، لم ينبغ (٣) له أن يفعل هذا؛ لأنه لا يخاف من هذا تلف نفس ولا غير ذلك إذا كان لا يمنع من طعام ولا شراب. فإن قالوا: لنجيعنك أو لتفعلن بعض ما ذكرنا فليس ينبغي له أن يفعل ذلك حتى يجيء من الجوع أمر يخاف منه التلف، فإذا جاء ذلك فلا بأس بأكل ذلك وشربه. وإنما يقاس الإكراه في ذلك بالضرورة في هذه الأشياء، فكما يجوز للمضطر الذي يخاف على نفسه من العطش والجوع أن يشرب الخمر إذا كان يرد عطشه ويأكل الميتة ولحم الخنزير ليرد جوعه فكذلك الإكراه. ولو أنه خاف أن يذهب بصره من العطش أو يَعْطِب بعض أعضائه وتسلم نفسه في موضع الضرورة لم يكن (٤) بأكل (٥) ذلك أيضاً وبشربه (٦) في الضرورة بأس (٧) كما لا بأس به في الإكراه. فكل شيء جاز له فيه شرب الخمر أو أكل الميتة أو أكل لحم الخنزير من الإكراه فكذلك يجوز له فيه عندنا الكفر إذا أكره عليه وقلبه مطمئن بالإيمان.

قال: وبلغنا عن ابن مسعود أنه قال: ما من كلام أتكلم به يدرأ عني ضربتين بسوط عند ذي سلطان إلا كنت متكلماً به. محمد قال: أخبرنا بذلك مهران (٨) بن أبي عمر قال: حدثنا أبو حيان التيمي عن أبيه عن


(١) م ف ز: وأخذوه. والتصحيح مستفاد من ب؛ والكافي، ٣/ ٢٠ ظ.
(٢) م - لحم.
(٣) ز: كم ينبغي.
(٤) ز - يكن.
(٥) ز: تأكل.
(٦) ز: ويشربه.
(٧) ز: بأسا.
(٨) ف: معدان.

<<  <  ج: ص:  >  >>