للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحارث بن سويد عن عبد الله بن مسعود (١).

وإنما نضع (٢) هذا من عبد الله بن مسعود على الرخصة منه فيما فيه من الألم الشديد وإن كان سوطين. فأما أن نقول (٣): إن السوطين اللذين لا يخاف منهما تلف ولا وجع لا بأس بأن يكفر بالله لمكانهما، فهذا لا يجوز عندنا أن يقال على عبد الله بن مسعود، ولكن هذا (٤) عندنا من عبد الله بن مسعود شبيه بالمَثَل يريد به الرخصة فيما وصفت لك. ولو أن هؤلاء الذين ذكرت لك من اللصوص الغالبين أو غيرهم قالوا ذلك لرجل في بعض ما وصفنا والرجل يرى أنهم لا يقدمون عليه بذلك لم يجز هذا له؛ لأن هذا إنما يجوز للإنسان على قدر ما يقع في قلبه، فإن وقع في قلبه أن القوم يقدمون على ما (٥) يهددونه به فعل، وإن كان الواقع في قلبه (٦) أن القوم لا يقدمون عليه بما قالوا فليس يسعه أن يقدم على شيء من ذلك. ولو أن رجلاً أكرهه هؤلاء اللصوص الغالبون بشيء مما وصفت لك من قتل أو قطع عضو أو استهلاكه فقالوا: لنفعلن (٧) ذلك بك أو لتقرن (٨) لهذا الرجل بألف درهم، فأقر له بذلك فالإقرار باطل. وكذلك لو قالوا له: لنضربنك مائة سوط أو لتقرن له بألف درهم فأقر له بها فالإقرار باطل. وكذلك لو قالوا له: لنحبسنك حتى تقر (٩) له أو لنقيّدنك حتى تقر له، فأقر له فالإقرار باطل. ولا يشبه هذا في الحبس والتقييد ما وصفت لك قبله من شرب الخمر وأكل الميتة وغير ذلك؛ لأن ذلك إنما يحل بالضرورة، وهذا يبطل بالإكراه وإن لم يكن فيه ضرورة.

محمد قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي عن القاسم بن


(١) المصنف لابن أبي شيبة، ٦/ ٤٧٤؛ والمعجم الكبير للطبراني، ٩/ ١٧١. وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله ثقات. انظر: مجمع الزوائد، ١٠/ ٢١٧.
(٢) ز: يضع.
(٣) ز: أن يقول.
(٤) ف - هذا.
(٥) م ز: يقدمون بما.
(٦) ف - فإن وقع في قلبه أن القوم يقدمون على ما يهددونه به فعل وإن كان الواقع في قلبه.
(٧) ز: ليفعلن.
(٨) ز: أو ليقرن.
(٩) م ف ز: حتى تقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>