للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على حالة. ولا يشبه إكراهه إياه على أن يسلم إسلاماً مستقبلاً إكراهه إياه على أن يقر بأمر ماض؛ لأن الإسلام المستقبل إسلام والإخبار بأمر ماض بإكراه كذب، فكأنه لم يتكلم به.

فإن قال قائل: كيف جاز الإكراه على الطلاق المستقبل والنكاح المستقبل والعتاق المستقبل والعفو عن العبد ولم يجز على غير ذلك من البيوع ونحوه؟

قيل له: لا تشبه (١) هذه الأشياء البيوع ونحوها؛ ألا ترى أن رجلاً لو طلق امرأته على أنه بالخيار وقع الطلاق وبطل (٢) الخيار. وكذلك العتاق وكذلك النكاح؛ لأنه لا يجوز أن ينقض بالخيار بعدما وقع، والبيع ونحوه يجوز فيه الخيار وينقض بعدما وقع. أرأيت رجلاً أكره حتى باع عبداً له أليس (٣) له أن ينقض البيع؟

قالوا: بلى.

قيل لهم: فإن هو قال بعدما ذهب عنه الإكراه: قد كنت أكرهت حين بعت، فقد أجزت ذلك البيع الآن بغير إكراه، أيجوز ذلك البيع؟

قالوا: نعم، ولا يكون للمشتري أن ينقضه (٤)؛ لأن المشتري لم يكن أكره.

قيل لهم: أفلا ترون أن البيع قد وقع إلا أن للبائع فيه خياراً، فكذلك (٥) جاز الإكراه في الطلاق والعتاق والنكاح والعفو، لأنه لا يجوز فيه الخيار (٦). ولو كان القول في الطلاق والعتاق والنكاح أنه يبطل في الإكراه ما جاز البيع وإن أجازه الذي أكره عليه؛ لأنه ينبغي أن لا يكون بيعاً كما لا يكون طلاقاً ولا عتاقًا ولا نكاحاً ولا عفواً.

ولو كان صاحب البيع أكره على أن يقر بأنه باع أمس عبده بألف


(١) ز: لا يشبه.
(٢) ز: ويبطل.
(٣) م: ليس.
(٤) م: أن يقبضه.
(٥) ز: فلذلك.
(٦) ز - الخيار.

<<  <  ج: ص:  >  >>