للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك الجمع؟ ويترجح لدينا أن الرواة هم الذين قاموا بهذا الأمر. فمثلا لا يذكر ابن النديم أحد هذين الاسمين، الأصل أو المبسوط، بل يذكر كل كتاب من كتب الفقه على حدة، مثل كتاب الصلاة، كتاب المناسك وهكذا (١). كما لا يذكر الحاكم الشهيد ذلك أيضاً، بل يقول في مقدمة الكافي: "قد أودعت كتابي هذا معاني محمد بن الحسن -رحمه الله تعالى- في كتبه المبسوطة … " (٢) لكن يذكر السرخسي تسمية الكتاب باسم "الأصل" في مواضع كثيرة من المبسوط، فيقول مثلاً: "قال محمد في الأصل … " (٣) وذكره السمرقندي والكاساني والمرغيناني وغيرهم بهذا الاسم أيضاً (٤). كما يذكره السرخسي وغيره باسم المبسوط أيضاً، لكن في مواضع أقل بكثير إذا ما قورن بالتسمية باسم "الأصل" (٥). ولعل ذلك دفعاً للالتباس بين مبسوط الإمام محمد ومبسوط السرخسي وغيرهما، فقد كثرت تسمية الكتب بهذا الاسم فيما بعد، لكن التسمية باسم "الأصل" ليست بتلك الكثرة.

وسبب التسمية بالأصل في نظرنا يرجع إلى أنه كتاب شامل للمسائل والقواعد الأساسية التي وضعها أبو حنيفة ومن بعده أبو يوسف ومحمد بن الحسن؛ فهذا الكتاب هو الأصل والأساس والقاعدة التي بني عليها الفقه الحنفي فيما بعد. وقد كانت هذه المسائل تعرف بمسائل الأصول. فقد كانت آراء الإمام أبي حنيفة تدون من قبل تلاميذه، فكانوا يناقشون المسألة في مجلسه فإذا استقر رأيهم على أمر دونوه في "الأصول" (٦). ولعل المقصود بالأصول هنا كتب وأبواب الفقه الأساسية، فموضوع الصلاة مثلاً أصل،


(١) الفهرست، ٢٨٧ - ٢٨٨.
(٢) الكافي، ١/ ١ ظ.
(٣) المبسوط، ١/ ١٦٢؛ ٣/ ٨١، ١٢٧؛ ٨/ ٨٤؛ ٢٦/ ١٧٨، ٢٩/ ٩٢، ١٠٨.
(٤) تحفة الفقهاء، ١/ ٢٠٤؛ ٢/ ٢٩١، ٣١٩، ٣٦٠؛ ٣/ ٥٢، ١٣٣، ١٩٣؛ وبدائع الصنائع، ١/ ١٦٣، ٢٧٣، ٢٨٤، والهداية، ١/ ١٦٠؛ ٢/ ١٧٥؛ ٣/ ١٥٥.
(٥) المبسوط، ١/ ٣؛ ١٨/ ١٢٧؛ والهداية، ٢/ ٨٤؛ ٣/ ٧٨.
(٦) وكانوا يدعونها "أصول الفقه" أيضاً. انظر: مناقب أبي حنيفة للمكي، ٥٠٨؛ وفقه أهل العراق وحديثهم، ٥٥، ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>