للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وموضوع الزكاة أصل، وموضوع البيوع أصل، أي أنه موضوع أساسي تدور حوله مسائل ذلك الكتاب. ثم آلت تلك الأصول إلى تلاميذ الإمام أبي حنيفة، ومن بينهم أبو يوسف ومحمد بن الحسن. قد وسعا هذه الأصول بمسائل وآراء جديدة. فكانت هذه الآراء مجتمعة هي امتداداً لذلك "الأصل" الذي دون في عهد الإمام أبي حنيفة، وكونت هذه المجموعة "الأصل" والأساس للمذهب الحنفي، حيث بنى على هذا الأصل جميع من أتى بعدهم من الفقهاء الأحناف وحتى غير الأحناف مثل الإمام الشافعي الذي حمل عن الإمام محمد بن الحسن وقر بعير كتباً (١)، وأسد بن الفرات الذي أخذ هذه الكتب ثم بنى عليها الفقهاء المالكية مذهبهم (٢). ولما سئل الإمام أحمد بن حنبل: من أين لك هذه المسائل الدقاق؟ أجاب بأنها من كتب محمد بن الحسن (٣). فحُقَّ لهذا الكتاب بأن يسمى بالأصل. فكان اسم الأصل أو الأصول يطلق على هذه المجموعة التي حوت كتب الفقه الشاملة لمسائل وقواعد العبادات والمعاملات المعروفة.

وهناك احتمال آخر، وهو أن اسم الأصل لم يكن في البداية اسماً لكتاب معين، وإنما هو بمعنى الكتاب أو المرجع الأساسي أو المصدر الذي يتحاكم إليه للضبط والتثبت. كما كان المحدثون يستعملون هذه اللفظة بكثرة في هذه المعاني أو قريباً منها. لكن لكثرة استعمال هذه اللفظة للتعبير عن تلك الكتب صارت عَلَماً لهذا الكتاب عند الفقهاء الأحناف.

ويتحدث الفقهاء الأحناف المتقدمون عن هذا الكتاب تارةً بلفظ الأصل، وتارةً يجمعون ذلك فيقولون: الأصول. وهذا يدل على أنه لم يكن لديهم اسم معين عَلَم على هذا الكتاب. ومن ناحية أخرى كان كل كتاب من كتب الفقه مفرداً عن الآخر، فكتاب الصلاة على حدة، والبيوع على حدة،


(١) الانتقاء لابن عبد البر، ٦٩، ١٧٤؛ وطبقات الفقهاء للشيرازي، ١٤٢؛ وسير أعلام النبلاء، ١٠/ ٧.
(٢) طبقات الفقهاء للشيرازي، ١٦٠؛ وتاريخ الإسلام للذهبي، ١٥/ ٦٧، ومقدمة ابن خلدون، ٤٥٠.
(٣) المنتظم لابن الجوزي، ٩/ ١٧٥؛ وسير أعلام النبلاء، ٩/ ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>