للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيره (١) أكره رجلاً حتى زنى كان عليه الحد؛ لأنه لم ينتشر (٢) إلا بلذة؛ وإن كان أكرهت المرأة لم يكن عليها حد. ثم رجع أبو حنيفة بعد ذلك، فقال: إذا أكره الرجل السلطان على ذلك فلا حد عليه، وإذا أكرهه غير سلطان فعليه الحد، وإذا درئ الحد وجب المهر، وإذا وجب الحد بطل المهر، فلا يجتمع حد ومهر في جماع واحد، ولا يكون جماع أبداً لا يجب فيه مهر ولا حد. وقال محمد بقول أبي حنيفة الآخر في ذلك كله.

وقال أبو حنيفة: إذا أكره الرجل قوم غير السلطان أيضاً فكانوا في ذلك بمنزلة السلطان فأخذوه في طريق من طرق المسلمين أو في منزل لا يقدر فيه على المنعة فقالوا له: لنقتلنك أو لنقطعن منك عضواً أو لتزنين بهذه المرأة، فوقع في قلبه أنهم فاعلون، أو تهددوه بضرب يخاف على نفسه منه، فزنى بها، فلا حد عليه، وعليه المهر. فإن أذنت له في ذلك من نفسها حين أمروه أو استكرهها فهو آثم إن أقدم على ذلك؛ لأن (٣) في ذلك (٤) مظلمة لها إن استكرهها على ذلك. وإن لم تكن مستكرهة فليس يحل لها أن تأمر بذلك. ولا حد عليه في الوجهين، وعليه لها الصداق في الوجهين جميعاً. ولا يرجع على الذي أكرهه بصداق وإن وجب عليه؛ لأن الجماع لا يكون إلا بصداق، أو يجب به حد فيبطل به الصداق.

وإن أكره الرجل بسجن أو بتقييد (٥) أو بضرب لا يخاف منه تلف على أن يزني بامرأة مطاوعة أو مستكرهة فليس يحل له أن يفعل هذا، فإن (٦) فعل فهو آثم، وعليه الحد. لا يدرأ الحد إلا في الضرورة التي يخاف منها التلف أو تلف بعض الأعضاء، فأما الإكراه بالسجن ونحوه فهذا لا يحل له الإقدام على الزنى من أجله. ولو أنه امتنع من الزنى وقد تهدد بالقتل والمرأة له مطاوعة أو مستكرهة حتى قتل كان مأجوراً في ذلك.


(١) م: أو غير.
(٢) ف ز: لا ينتشر.
(٣) ز: لأنه.
(٤) ز - في ذلك.
(٥) ز: بقيد.
(٦) ز: فإن.

<<  <  ج: ص:  >  >>