للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك لو أن رجلاً أكره فقيل له: لنقتلنك أو لتقطعن يد هذا الرجل، فقال له الرجل: قد أذنت لك في القطع فاقطع، والآذن له غير مكره، فإن المكره لا يسعه أن يقطع يده بقول صاحب اليد؛ لأن صاحب اليد أمره بما لا يحل له أن يفعله. فإن قطعها فلا شيء عليه، ولا شيء على الذي أكرهه؛ لأن صاحب اليد أذن له في ذلك بغير إكراه. وإن أكرهه صاحب اليد بتوعد بقتل أو تلف حتى أمره بذلك فالمأمور بالقطع آثم إن أقدم على ذلك أيضاً. فإن فعل القاطع (١) فقطع اليد كان لصاحب اليد أن يقطع يد الآمر. وإن كان الذي أكره القاطع (٢) غير الذي أكره صاحب اليد وكلاهما يلزم إكراهه كان للمقطوعة يده أن يقطع يد الذي أكره القاطع، والقاطع آثم في جميع ما صنع من ذلك.

وكذلك كل شيء أكره عليه مما يخاف منه (٣) التلف على المفعول به فليس يسعه أن يفعله. ولو قيل (٤) له: لنقتلنك أو لتقتلنه (٥)، فقال الذي أمر بقتله: اقتلني فأنت في حل من ذلك، وهو غير مكره فقتله عمداً بالسيف فهو آثم في ذلك، ولا شيء عليه، والدية في مال الآمر، لأنه (٦) قتله بأمره. ولو كان الذي فعل به بأمره شيئاً دون النفس فمات منه كان الفاعل لذلك آثماً، ولم يكن عليه ولا على الذي أمره من ذلك شيء.

ولو أنه أكره على أن يصنع به شيئاً لا يخاف منه تلف من ضرب سوط أو نحوه ففعل ذلك به رجوت أن لا يكون عليه إثم (٧). فإن أتى (٨) عليه فمات منه، فإن كان المقتول أمره بأن يفعل ذلك به فلا ضمان عليه، ولا على الذي أكرهه. وإن كان لم يأمره بذلك فعلى الذي أكرهه الدية على عاقلته؛ لأن هذا بمنزلة الخطأ منه.

فإن كان أكرهه على أن يأخذ مالاً من ماله فيرمي به في مَهْلَكَة بتوعد


(١) ف ز - القاطع.
(٢) م - القاطع، صح هـ.
(٣) م ز: فيه.
(٤) ف: قال.
(٥) ز: أو لتقتله.
(٦) م ف ز: كأنه.
(٧) ز: إثما.
(٨) ز: أبى.

<<  <  ج: ص:  >  >>