للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرجع المشتري على الذي أكرهه بقليل ولا كثير من قيمة العبد؛ لأن الذي أكرهه لم يكرهه على العتق، إنما أكرهه على غير العتق فجاز ذلك الغير.

وكذلك لو أكرهه على أن يشتري أخاه وأباه وابنه أو ذا رحم محرم منه أو أكرهه على أن يشتري أمة قد ولدت منه ففعل، أو أكرهه على أن يشتري جارية قد جعلها مدبرة إن ملكها، فإن هذا (١) يجوز على المشتري بقيمته في هذه الوجوه كلها، ويبطل ما ازدادوا عليه من الثمن. ولا يضمن الذي أكرهه مما غرم من قيمة العبد أو الجارية (٢) قليلاً ولا كثيراً. ولا يشبه هذا إكراهه إياه على أن يعتق. إذا أكرهه بشيء مما وصفت لك أعلى، أن يعتق عبده فأعتقه جاز العتق، وغرم الذي أكرهه قيمته للمكره؛ لأن ها هنا أكرهه على الذي أتلف به العبد، والأول لم يكرهه على الذي أتلف به العبد، إنما أكرهه على البيع فعتق حين ملكه. ألا ترى أن رجلاً لو شهد عليه شاهدان أنه أعتق عبده هذا فقضى القاضي بشهادتهما وأعتق العبد ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما أنهما ضامنان لقيمة العبد للمشهود (٣) عليه.

ولو شهدا على رجل قد قال لعبد: إن ملكته فهو حر، فشهدا عليه أنه اشتراه من البائع والبائع يدعي شهادتهما بألف درهم وقيمة العبد ألف درهم فقضى القاضي بذلك وأنفذه وأعتق العبد بقوله: إن ملكته فهو حر، ثم رجعا أنه لا ضمان عليهما؛ لأنهما أعطياه مثل ما أخذًا منه، ولم يشهدا على العتق، إنما عتق بيمين المشتري (٤) ولم يعتق بشهادتهما. ألا ترى أن رجلاً لو قال لعبده (٥): "حر إن دخل هذه الدار"، فأكره بالوعيد بالقتل حتى دخل فعتق عبده أنه لا يضمن الذي أكرهه من قيمة العبد شيئاً. أرأيت لو لم يكرهه أحد ولكن قوماً احتملوه وهو لا يملك من نفسه شيئاً حتى أدخلوه الدار وقد كان حلف فقال: إن صرت (٦) في هذه الدار فعبدي هذا حر، فصار فيها بإدخالهم إياه فعتق العبد أيغرم الذين أكرهوه قيمة


(١) ف: فهذا.
(٢) ز + كلها ويبطل.
(٣) م ف ز: المشهود.
(٤) ز - المشتري.
(٥) ف ز: عبده.
(٦) ز: إن ضرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>