للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبد، ليس يضمن الذين أكرهوه من قيمة العبد شيئاً؛ لأنه لم يكره على ذلك. وكذلك لو كان قال: إذا تزوجت فلانة فهي طالق، فأكره حتى تزوجها بمهر مثلها فالنكاح جائز وهو ضامن لنصف المهر للمرأة، ولا ضمان على الذين أكرهوه في شيء من هذا. ألا ترى أنه لو قال لامرأة له لم يدخل بها: إن شجّني اليوم أحد فأنت طالق، أو قال ذلك لعبده فأُخذ كَرْهًا فشُجّ أنها طالق ويعتق العبد، ولا يغرم الذي أكرهه وشجّه من قيمة العبد ولا من نصف الصداق الذي غرم شيئاً.

ولو أن رجلاً أكره حتى يجعل عتق عبده في يد هذا الرجل أو طلاق امرأته ولم يدخل بها، أكرهه على ذلك من يجوز إكراهه بقتل (١) أو تلف، ففعل ذلك، فطلقها الذي جعل ذلك إليه أو أعتق العبد الذي جعل عتقه إليه كان القياس في هذا أن يعتق العبد وتطلق المرأة، ولا يغرم الذي أكرهه من ذلك شيئاً؛ لأنه لم يكرهه على الطلاق والعتاق بعينه. ولكني أستحسن أن أضمن الذي أكرهه قيمة عبده، ونصف المهر الذي غرم لامرأته؛ لأن هذا أكره على الأمر الذي به العتق بعينه أو الطلاق بعينه حين أمره أن يجعله في يد غيره، فلذلك غرم ما أتلف له من ذلك. ألا ترى أنه لو أكرهه على أن يجعل ذلك في يده، ففعل فطلقها الذي أكرهه أو أعتق عبده ضمن، فكذلك إذا أمره أن يجعل ذلك في يد غيره. ولا يشبه الإكراه في هذا الوجه شهادة الشهود إذا قضي (٢) بشهادتهم أنه جعل أمرها بيدها ثم رجعوا. ألا ترى أن أربعة لو شهدوا على رجل بالزنى وشهد شاهدان بالإحصان فرجم الرجل،، ثم قال شاهدا (٣) الإحصان: شهدنا بالباطل ونحن نعلم أنه باطل (٤)، لم يكن عليهما غرم وكان عليهما الأدب. ولو لم يشهد شاهدا (٥) الإحصان وقال القاضي: قد علمت أنه لم يحصن ولكن أرجمه ظالمًا وأنا أعلم أنه لا رجم عليه، وأكره الناس حتى رجموه ضمنته ديته. وكان ينبغي


(١) ز: يقبل.
(٢) ز: إذا قضا.
(٣) ز: شاهدان.
(٤) م ز: الباطل.
(٥) ز: شاهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>