للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أن رجلاً في يده مال أكرهه لص غالب على أن يأمر رجلاً بقبضه والمأمور غير مكره فأمر المكره بقبضه والمكره أكره بالتوعد بسجن أو قيد أو قتل أو قطع فقبضه المأمور فضاع في يده فالقابض ضامن للمال؛ لأن أمر الآمر بإكراه ليس يجوز كما يجوز بلا إكراه. ألا ترى أنه لا يجوز شراؤه ولا بيعه بإكراه، فكذلك لا يجوز أمره في هذا. ولا يشبه إعطاؤه المال أمره بأن يقبضه. إذا أعطاه فهو إعطاء. فإن كان أكره عليه بقيد أو سجن لم يضمن الذي قبضه. ألا ترى أنه لو أكره بالقيد والسجن على أن يطرحه في ماء أو نار ففعل لم يضمن الذي أمره، فكذلك لا يضمن الذي أعطاه إياه.

ولو أكره بقيد أو سجن على أن يأمر إنساناً أن يأخذه فيطرحه في ماء أو نار فأمر بذلك فأخذه ذلك الإنسان فطرحه في ماء أو نار والذي أخذه غير مكره أو مكره بقيد أو حبس فالضمان على الآخذ الطارح، وليس على الذي (١) أكرهه ضمان. وإن كان الآخذ مكرهاً على ذلك بتوعد بقتل أو قطع أو ضرب يخاف منه تلفأ (٢) فالضمان على الذي أكرهه لصاحب المال. وإنما المكره على أن يأذن في ذلك بحبس أو ضرب أو قيد أو قتل بمنزلة من لم يأمر؛ لأن أمره لا يجوز. ألا ترى أن لصاً غالباً لو أكره رجلاً حتى يأذن له في أن يأخذ ماله فيهبه أو يأكله أو يستهلكه (٣) فأكرهه على الإذن بسجن أو قيد أو توعد بقتل أو قطع فلما أذن له استهلكه الذي أكرهه إنما ضمن (٤) لأن الإذن ليس بشيء، فكذلك الإذن في ذلك الوجه ليس بشيء. ولو أنه أكرهه بتوعد بقتل أو قطع على أن يأذن في أن يقتل عبداً له عمداً فأذن له في (٥) ذلك فقتله عمداً بالسيف كان للمولى أن يقتله به. ولو أكرهه على ذلك بحبس أو سجن كان هذا والأول في القياس سواء وكان له أن يقتله به؛ لأن الإذن باطل. ولكني أستحسن في هذا أن أضمنه له قيمة عبده ولا أقتله به.


(١) م: على الذ.
(٢) ز: تلف.
(٣) ف: أو يستأكله.
(٤) م ز: ضامن.
(٥) م ف ز - في. والزيادة من ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>