للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أن لصاً غالباً أكره رجلاً حتى يقر بأن هذا الولد ابنه أو يقر بأنه قد طلق امرأته أمس ثلاثاً أو يقر أنه أعتق عبده أو توكّل (١) ببيع عبده أو شراء عبده فأكره على ذلك بقتل أو سجن أو قيد أو قطع كان هذا كله باطلاً لا يجوز عليه شيء منه. ولو أكرهه بحبس أو قيد على أن يوكل هذا الرجل بعتق عبده فوكله بذلك فأعتقه الوكيل والوكيل غير مكره كان العبد حراً عن مولاه، ولم يضمن الذي أكرهه ولا الذي أعتقه شيئاً؛ لأن الوكالة بالعتق بمنزلة عتق المولى لو أكرهه السلطان بقيد أو حبس على أن يعتقه فأعتقه، فهذا لا ضمان فيه على أحد، والعبد حر، وولاؤه لمولاه. ولو أكرهه بقتل أو قطع على أن يوكل هذا الرجل بعتقه فوكله وأعتقه الوكيل كان العبد حراً عن مولاه المكره، وولاؤه له، ويرجع على الذي أكرهه بقيمة عبده، ولا ضمان على الذي ولي العتق وإن كان غير مكره. ولو كان أكرهه بقتل أو قطع على أن يأمر هذا الرجل بقتل العبد عمداً فأمره بقتله فقتله والمأمور غير مكره ولا خائف ممن أمره فإن القود على الذي قتله؛ لأنه حين لم يخفه فكأنه قتله بغير أمر من أحد.

ولو كان اللص الغالب أكره مولاه حتى أمره بقتل عمد أو بتوعد بسجن أو قيد فقتله المأمور وهو غير مكره ولا خائف كان القياس أن يقتل الذي قتله؛ لأن (٢) أمره وقد أكره بالقيد والحبس باطل. ولكني (٣) أستحسن أن أضمنه القيمة ولا أقتله، ولا يشبه القاتل في هذه الوجوه المعتق؛ لأن المعتق إنما هو معبر عن أمره، فلا أبالي مكرهاً (٤) كان أو غير مكره، والقاتل جاني. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى عبداً من رجل بألف درهم حالة ولم يدفع الثمن ولم يقبض العبد حتى أمر رجلاً فأعتقه كان العبد حراً وولاؤه لمولاه، ولا يكون على المعتق ضمان، ورجع البائع على المشتري بالثمن. ولو (٥) لم (٦) يكن أمره بالعتق ولكنه أمره أن يقتله فقتله كان للبائع


(١) أي: أنه قبل الوكالة.
(٢) ف: لأنه.
(٣) م ز: ولكن.
(٤) ز: مكره.
(٥) ز - ولو.
(٦) ز: ولم.

<<  <  ج: ص:  >  >>