للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يضمن القاتل القيمة، فيكون في يده حتى يعطيه المشتري الثمن؛ لأن القتل جناية وإن لم يأمر (١) بها. ولا يكون عتقه نافذًا في العبد المكره عليه ولا في هذا إلا بالأمر، فكان المعتق معبرًا عن غيره.

ولو أن اللص الغالب قال لمولى العبد: ائذن (٢) لي في عتقه وإلا قطعتك أو قتلتك، فأذن له في عتقه فأعتقه كان العبد حراً عن مولاه وولاؤه له، ويرجع على الذي أكرهه بقيمة العبد. وليس يغرم الذي أكرهه القيمة من قبل أنه أعتقه، ولكنه يغرم القيمة من قبل إكراهه إياه على أن يأمر بالعتق. ولو كان أكرهه بتوعد بقيد أو سجن حتى يأذن له في عتقه، وليس يخافه على غير ذلك، فأذن له في عتقه فأعتقه، كان العبد حراً عن مولاه، ولا ضمان له على الذي أكرهه.

وكل إكراه كان من لص غالب على أمر لا يقدر على رده من نحو العتق أو الطلاق أو القتل أو استهلاك المال، فإن كان أكره على ذلك بتوعد بقتل أو قطع أو ضرب يخاف منه التلف أو أمر بذلك أمراً وهو يخاف إن لم يقدم عليه ببعض ما ذكرنا فإكراهه في هذا بمنزلة جنايته بيده. وإن كان إكراهه في شيء من ذلك بقيد أو حبس لم يلزمه من الضمان في ذلك قليل ولا كثير. ألا ترى أن لصاً غالباً لو أكره رجلاً بتوعد بقتل أو قطع أو ضرب يخاف منه تلفاً (٣) على أن يقتل إنساناً فقتله قتل الآمر. ولو أكرهه على أن يقتله بحبس أو قيد وهو لا يخاف منه أكثر من ذلك فقتله قتل المأمور وعزر الآمر وحبس. وإنما الإكراه الذي يكون بالحبس والقيد بمنزلة الإكراه بالوعيد بالقتل والقطع [في] الإكراه على البيع والشراء والإقرار بالأشياء كلها والوكالة بذلك والأمر (٤) به. فهذا إن أكرهه فيه بوعيد بقتل أو قطع أو حبس أو سجن على شيء من ذلك لم يجز ذلك عليه.

ولو أكره اللص الغالب رجلاً على أن يدفع ماله وديعة إلى رجل غير


(١) م ف ز: لم يؤمر.
(٢) ز: أذن.
(٣) ف: التلف؛ ز: تلف.
(٤) م ف ز: وللأمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>