للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال قائل: وكيف ينقض ذلك وقد باع المشتري ما يملك، ولو أعتقه جاز عتقه؟

قيل له: لأن البائع المكره كان أحق به منه، فلذلك كان له أن ينقض ما صنع.

فإن قال: فالبيع الفاسد للبائع أن ينقضه بعد قبض المشتري إياه، وإن باعه المشتري أو وهبه وقبضه الموهوب له جاز ذلك، ولم يكن (١) للبائع أن ينقضه، ولكنه يرجع بالقيمة على المشتري.

قيل له: لا يشبه البيع الفاسد بيع المكره في هذا الوجه؛ لأن البيع الفاسد صاحبه باعه بغير إكراه وأذن في قبضه، فهذا بمنزلة إذنه للمشتري في بيعه وهبته، وإن المكره لم يأذن في شيء من هذا (٢) وإن كان المشتري قد ملك عليه. وإنما مثل بيع المكره في هذا الوجه مثل بيع المشتري لدار ولها شفيع. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى داراً ولها شفيع وقبضها كانت له، وكان ملكه لها صحيحاً، فإن باعها وقبضها المشتري أو وهبها وقبضها الموهوبة له (٣) كان للشفيع أن ينقض البيع الثاني والهبة ويأخذها بالبيع الأول؛ لأنه لم يرض بما صنع ولم يأذن فيه. فكذلك المكره على البيع لم يأذن للمشتري في بيع ولا هبة وإن كان قد ملك ما اشترى. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى من رجل عبداً بألف درهم حالة فقبضه المشتري بغير أمر البائع فأعتقه أو دبره أو كانت أمة فوطئها فولدت منه لم يكن للبائع سبيل على العبد ولا على الأمة، وكان له الثمن على المشتري. فإن كان المشتري محتاجاً لم يكن له أن يبيع العبد ولا الأمة بقليل ولا كثيرة لأن المشتري أجرى فيها (٤) ما أجرى من العتق وهما مملوكان له، فجاز ما صنع فيهما من ذلك. ولو أن المشتري لم يعتق ولم يدبر ولم يطأ فتلد منه ولكنه باع بيعاً صحيحاً وقبض ذلك المشتري، أو وهب وقبض ذلك الموهوب له، أو


(١) ز - ذلك ولم يكن.
(٢) ز + من.
(٣) ز + لو.
(٤) ز: فيهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>