للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القياس سواء في هذا الوجه، ولكني أستحسن في الكفر خاصة. ألا ترى أنه لو لم يكفر حتى يقتل كان مأجوراً إن شاء الله تعالى، وإن هو لم يأكل الميتة حتى يقتل كان عندنا آثماً إذا كان يعلم أن ذلك يسعه، فلذلك فرقنا بينهما في قتل الرجل المسلم.

ولو كان أكرهه في هذا كله بوعيد بسجن أو قيد لم يسعه أن يكفر، فإن فعل بانت منه امرأته، ولم يسعه أن يأكل الميتة ولا يشرب الخمر، فإن فعل لم يكن عليه حد لهذه الشبهة، ولكنه عندنا آثم. وإن قتل الرجل المسلم الذي (١) أكره على قتله قتل به في الوجوه جميعاً.

ولو أكره فقيل له: لنقتلنك أو لتقتلن هذا الرجل المسلم عمداً أو تزني بهذه المرأة، فليس ينبغي له أن يصنع واحداً منهما حتى يقتل، فإن صنع واحداً منهما كان آثماً عندنا؛ لأن هذا لا يحل بإكراه. فإن أبى أن يفعل واحداً منهما (٢) حتى قتل كان مأجوراً عندنا، وقتل به الذي قتله. وإن زنى كما أكره فالقياس أن يكون عليه الحد، ولكنا نستحسن أن ندرأ عنه الحد ونجعل عليه الصداق. وإن قتل الرجل المسلم كما أكره لم يكن عليه قتل، وقتل به الذي أكرهه على القتل، وكان على الذي ولي القتل (٣) الأدب بالحبس والتعزير؛ لأن هذا الذي أكرهه إنما أكرهه على أحد أمرين لا يحل واحد منهما له، فلما قتل الذي أكرهه على قتله وجب على الذي أكرهه القود لولي المقتول. ألا ترى أنه لو أكرهه بوعيد بقتل على أن يقتل أحد هذين الرجلين المسلمين عمداً فقتل أحدهما كان القود على الذي أكرهه؛ لأنه أكرهه على أمرين كلاهما لا يحل له، فكأنه أكرهه على أحدهما بعينه دون الآخر. فإن كان أكرهه على ما وصفت لك من الزنى وقتل الرجل بوعيد بسجن أو قيد فزنى أقيم عليه الحد، أو قتل الرجل المسلم قتل به الذي ولي القتل.


(١) م ز: الذ.
(٢) م ز + كان آثما عندنا لأن هذا لا يحل بإكراه فإن أبى أن يفعل واحداً منهما.
(٣) ز: بالقتل.

<<  <  ج: ص:  >  >>