للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أكرهت المرأة على أن يزني بها بوعيد بقتل أو سجن أو حبس درأنا عنها الحد، ولا تشبه المرأة في الإكراه بالسجن أو القيد الرجل؛ لأن الرجل لا ينتشر إلا بلذة وهو الفاعل لذلك والمرأة المفعول بها، ويقام الحد على الذي أكره حتى زنى بها، ولا يكون عليه صداق.

ولو أن رجلاً أكره فقيل له: لنقتلنك أو لتقتلن هذا الرجل المسلم أو لتأخذن ماله هذا - وهو أكثر من الدية أو أقل - فتستهلكه (١)، فلا بأس بأن يأخذ المال فيستهلكه. فإن فعل فضمان المال على الذي أكرهه كله وإن كان أكثر من الدية أو أقل. وإن قتل الرجل ولم يستهلك المال قتل به الذي ولي القتل؛ لأنه قد كان يقدر على أن يستهلك المال فلا يكون عليه إثم ولا ضمان، فلما قتل الرجل وجب عليه قتله. ولو لم يفعل واحداً منهما حتى يقتل (٢) كان عندنا غير آثم. ألا ترى أن رجلاً لو اضطر إلى طعام رجل فخاف الموت إن لم يأكله وصاحبه يأبى أن يعطيه لم يكن بأكله بأس (٣)، ويغرم لصاحبه مثله (٤). فإن لم يأخذه حتى يموت لم يأثم عندنا في تركه ذلك؛ لأنه (٥) يأخذه بغير طيبة نفس من صاحبه. ألا ترى أن رجلاً لو قيل له: لنقتلنك أو لتدلنا على مالك، فلم يفعل حتى قتل لم يكن آثماً في ذلك، فكذلك إذا قيل له: لنقتلنك أو لتأخذن مال هذا الرجل فتعطيناه، فأبى أن يأخذه حتى قتل لم يكن آثماً عندنا؛ لأن هذا مما لا يحل إلا بطيبة نفس صاحبه. ألا ترى أنه يسعه في حال الضرورة أن يأخذه، فإن لم يفعل حتى يقتل لم يكن عليه إثم، لأنه يخاف تلف مال الرجل وذهابه. ولو أثم هذا في ماله ومال غيره إن لم يعطه لم يُقَلْ: "من قتل (٦) دون ماله فهو شهيد" (٧)، وكان آثماً.

ولو قيل له: لنقتلنك أو لتطلقن امرأتك أو تعتق عبدك، فلم يفعل حتى قتل فليس هذا بشيء، ولا إثم عليه إن شاء الله.


(١) ز: فيستهلكه.
(٢) ز: يقبل.
(٣) ز: بأسا.
(٤) م ف: بمثله.
(٥) ف + لم.
(٦) ز: من قبل.
(٧) صحيح البخاري، المظالم، ٣٣؛ وصحيح مسلم، الإيمان، ٢٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>